إدمان قاتل.. يجرف رجال الغد !
كيف يمكن لهاتف محمول أو لوحة إلكترونية أن تُحرض على العنف والقتل والدمار؟ كيف يمكن لطفل أو يافع في عمر الزهور أن ينزل لساحة الحرب ويشارك في معركة دامية من عقر غرفته؟ ثم كيف يصير استخدام السلاح (ولو بشكل افتراضي) والدخول في مواجهات بالرصاص، أمر مباح وبترخيص ومباركة من الأهل؟..
مشاهد باتت مألوفة عند أطفال ومراهقين وشباب أيضا، كانوا يبحثون عن المتعة في البداية، قبل أن يتحول الأمر إلى هوس وإدمان.. جرفهم إلى ساحة القتال وأسكنهم جنبات عالم أسود، بات يظهر جليا في معاملاتهم وسلوكاتهم على أرض الواقع.
لطالما كانت ألعاب العنف الافتراضية، شكلا من أشكال المُتعة الزائفة، التي لا تولد سوى الكراهية والعدوانية في نفوس المولوعين بها، إلا أن الأمر بات يدق ناقوس الخطر في السنوات القليلة الماضية، إذ أصبح اللجوء إليها بمثابة هروب من الواقع “الكئيب” الذي نعيشه جميعا، قبل أن تُعمق هذه الألعاب من حجم البؤس والكآبة وتُخلف جرائم حقيقة، كواقعة صفرو والتي اهتز لها الرأي العام مؤخرا، والمُتعلقة بإقدام مراهق يبلغ من العمر 15 عاما، على قتل والدته، بسبب رفضها منحه المال لاقتناء تعبئة أنترنيت جديدة حتى يُكمل المعركة التي كان يخوضها.. ليجد نفسه اليوم يخوض تفاصيل حياة جديدة أشد كآبة مما كان يُحاول الهروب منه.. حياة بئيسة.. بمعركة واقعية : معركة ضد هواجسه ومخاوفه من الحاضر والآتي ومن ما يمكن أن تؤول إليه الأيام..
جريمة “صادمة” بضحيتين اثنتين، أمٌ مقتولة، وابن قُتلت براءته على يد لعبة الكترونية، فمن يتحمل مسؤولية هذا الهوس؟
فبين تغاضي الآباء عن الإدمان القاتل لفلذات أكبادهم.. وبين حلاوة السم التي يتم دسه حتى تُصَور هذه الألعاب في هيئة مُغرية.. تضيع الكثير من البراءة والكثير من الطفولة.. وتُفتح عوالم سوداء قاتمة أمام جيل، نبتغيه الغد المشرق.. والانعكاس الأصفى.. والنسخة الأنقى والأرقى لمجتمع لا زال يتخبط في اليومي المُعاش..
جيل صاعد.. نحلم بأن يحمل بين يديه وبقلبه.. هموم مجتمعه وقضاياه .. ويحلم بتحقيقها..
جيل نريده، عظيما.. واقعيا.. حالما.. مُثقفا.. مُسالما.. هذا الذي لن تُنتجه مواجهات العنف والحرب والظلامية…
مريم كرودي