الاستثمار و “النوار”… ! ! !
نموذج : شفشاون
كتب: شفيشو عبدالاله
إن ظاهرة * النوار * ( الدفع تحت الطبلة ) هي اقتناء العقار بثمن يتجاوز ما يتم التصريح به في عقد البيع وهذه العملية لا تحرم الدولة فقط من مداخيل هامة بل تحرم أيضا فئة كبيرة من المواطنين و على رأسهم الموظفون من إمكانية الحصول على القرض الخاص بالسكن الحقيقي و الكامل .
فالمشروع الذي أطلقه الملك الراحل الحسن الثاني المتمثل في 200 ألف سكن و الذي كان يهدف إلى جعل المغاربة خاصة ذوي الدخل المحدود من امتلاك سكنا خاصا و بأقل التكلفة لم يكن سيتعدى 20 مليون سنتيم هذا المشروع الهام لم يتحقق نظرا لجشع المنعشين العقاريين بحجة أن المواد المستعملة في البناء من أسمنت ، حديد وغيرها تعرف زيادات مستمرة في أثمنتها . و للدفع بمثل هذه المشاريع إلى الأمام ونزولا عند مطالب المنعشين العقاريين قامت الدولة بمنحهم مجموعة من التسهيلات لتشجيعهم على توفير سكن لائق للمواطنين وبثمن معقول دون اللجوء إلى * النوار * في القضاء على السكن العشوائي وذلك من خلال إطلاق مشروع السكن الاقتصادي ، وتمثلت تلك التسهيلات في مجموعة من الإجراءات المسطرية فمثلا المادة 19 من قانون المالية لسنة 1999 أعفت المنعشين العقاريين من مجموعة من الالتزامات المادية من مثل:
- الإعفاء من الضريبة الحضرية.
- الإعفاء من الضريبة العامة على الدخل.
- الإعفاء من رسوم التسجيل على الأرض … و غيرها كثير.
لكن و رغم هذه الامتيازات فالعديد من المنعشين العقاريين رغم استفادتهم منها لم يلتزموا بشروط الاستفادة وهو غض النظر عن آفة * النوار *،فالكل يقر بوجود هته الآفة التي أصبحت تمثل أكثر من 70./. بالنسبة للقيمة الإجمالية للعقار وكل طالب للسكن من هذا النوع لا مفر له من الخضوع لهذا الابتزاز إن هو عزم على توفير سكن لأسرته و تجنبها ويلات الكراء قبل أن توافيه المنية ، في ظل هذا الوضع فالدولة من جهة لا تتدخل عبر أجهزتها المختصة( وزارة الإسكان و التعمير ، مديرية الضرائب ،سلطات عمومية و منتخبة ) للضرب على يد هؤلاء للكشف عن التلاعبات التي يقومون بها و التعامل معها بحزم ، والمهتمون بالقطاع و المهنيون من جهة أخرى يدعون إلى هيكلته و يقترحون وضع ميثاق شرف فيما بينهم لفتح المجال للتنافسية النزيهة فيما بينهم .
لكن للأسف، ستظل هذه الخطوات و التصريحات مجرد نوايا في علم الغيب لان المنعشين العقاريين أصبحوا يشكلون لوبيا قويا بالمغرب يقف في وجه أي مشروع استثماري لا يتعامل بعقلية الخزينة السوداء مما جعل * النوار * هو سيد الساحة بل أصبح هو القانون في ظل حياد لأجهزة الدولة المعنية بالملف إن لم نقل تواطؤها ، و لا بأس في هذا الصدد أن نضع القارئ أمام نموذج حي لجشع احد هؤلاء المنعشين العقاريين بإقليم شفشاون فنظرا للطلب المتزايد على هذا النوع من العقار خاصة من طرف فئة عريضة من الموظفين بالإقليم سيقوم احد لوبيات بالمدينة (من أعيانها و المعروف عليه بنفوذه و علاقاته المشبوهة سواء بالسلطات الإقليمية أو بالمجالس المنتخبة ) باستغلال اللحظة وينشئ شركة وهمية مختصة في السكن الاقتصادي و سوف لن يستفيد صاحبنا من الامتيازات و التسهيلات السالفة الذكر بل سيحطم مشروعه الرقم القياسي في المخالفات منذ انطلاقته إلى حتى ما بعد تسليمه :
– يقيم مشروعه فوق أرض اقتناها من ملاكيها بثمن هزيل على اعتبار أنها منطقة خضراء،
– جميع الشقق تم تسليمها لأصحابها * بالنوار * ،
– لحظة التسليم سيتم ربط المشروع بالتيار الكهربائي بطريقة غير قانونية مما خلق للملاكين الجدد مشاكل مع المكتب الوطني للكهرباء بعد أن قطع عنهم التيار بعد مرور سنة من تسلمهم.
كل هته الخروقات تم فضحها سواء عبر مراسلة الجرائد الوطنية و رسائل وجهت للمسؤولين لكن لا حياة لمن تنادي ، فمن سيضع حدا لهذه الفوضى ؟
وعليه،فلوضع حد لهذا الوحش الكاسر “النوار” وغيره من المشاكل التي يتخبط فيها هذا القطاع فالأمر لا يتطلب تدخل ملكي و لا مبادرة وطنية بل إرادة مسؤولة و خطوات فعالة ستعود بالنفع على الجميع و بأقل تكلفة، فمادمنا في دولة المؤسسات فلما لا نهيكل القطاع ؟ فمثل بسيط الوسيط العقاري أو (السمسار) يجب مأسست مهامه عن طريق هيكلة اشتغاله بضبط المهنة وهذا في حد ذاته سيضمن الحد من ظاهرة “النوار” بالإضافة إلى تجاوز الكثير من العراقيل الإدارية و في نفس الوقت ستوفر هذه الخطوة مناصب شغل للمعطلين وقس على ذلك من خطوات بسيطة إن توفرت في مسؤولي هذا البلد ثنائية الإرادة/المحاسبة .