العيد الذي في خاطري

العيد الذي في خاطري

 

 

في كل مرة يحل فيها العيد، تعود بي الذاكرة إلى الطفولة وكأن أصدق المشاعر وأروعها توقفت هناك…

 

لست أدري إن كان الأمر يتعلق بالظروف الاستثنائية التي نعيش فيها اليوم والتي أفقدتنا طعم الفرحة النابعة من الأعماق، أو بالروتين السريع الصاخب لحياتنا… أو… لست أدري، كل ما أدركه أن إطار العيد السعيد لا يزال يطوق صورة الطفولة ويأبى أن يجددها…

 

نهرول خارج بيوتنا متى سمعنا الثغاء ثم نلتف في كل مرة حول أضحية من أضاحي الجيران، نشاهد شباب الحي يخرجونها من العربة ويدخلونها إلى البيت، ونتسمر في مكاننا ونحن نراقب العملية إلى أن نرى أضحية أخرى قادمة، لنكررها مجددا، لذة خاصة تلك، ونحن نراقب وندقق ونشاهد ونتحدى بعضنا البعض: من يملك منا أفضل أضحية وأجملها…

 

سعادتنا واستعداداتنا كانت تبتدئ بأسبوع أو أكثر من ليلة العيد، إذ لا أزال أذكر بكائي على والدي في كل مرة يعود من العمل، وأنا أسأل “متى ستجلب خروفنا من “الكورنة”؟!! أريد أن أربيه وألعب معه”، ولا يهنأ لي بال إلا بعد أن أرى الأضحية في البيت وأطلق عليها إسما، “مسعود، happy ،moreno…” وتختلف الأسماء كل سنة حسب شكل الخروف ولونه.

 

العيد الذي كانت تختلط فيه مشاعر … الحب، الألفة، السعادة، الفرحة، الخوف على أحاسيس الأضحية، البكاء لفراقها، الحزن الشديد، والإضراب عن أكل اللحوم لأيام قليلة موالية، كانت مناسبة للتواصل الاجتماعي والتآزر والتعاون، أيضا، ومظهرا من أبهى مظاهر التضامن والتآلف… الجيران يذبحون لبعضهم البعض، يساعدون بعضهم في شواء الرؤوس و “الكرعين”، ويستغلون المناسبة للزيارة وصلة الرحم.

 

وما أروع لمات العائلة حول الموائد، وما أعظم القيم التي زرعتها فينا هذه الشعيرة… صلاة وسواعد ومحبة… والكثير من الامتنان.

 

عيدنا هذه السنة، وبالرغم من كل الظروف، لا بد وأن نجعله سعيدا… لا بد وأن نقيم فيه كل الطقوس … ولا بد أن نرسم للطفولة ذكريات جميلة يحكونها مستقبلا…

 

مريم كرودي

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً