“المنديل الشفشاوني”.. أيقونة حضارية للباس الجبلي تبدعها أنامل نساء المدينة الزرقاء

ترتدي مدينة شفشاون، زرقة السماء، طوال العام، وكأنها بوابة المبدعين إلى عالم الفن والخيال حيث تنسج أناملهم أجمل اللوحات.

وقبل أن تشيد المدينة، الواقعة غرب سلسلة جبال الريف، على يد الأمير علي بن راشد، لإيواء المسلمين واليهود المطرودين من الأندلس عام 1471، كانت تسمى بـمنطقة “الشاون” وهي كلمة أمازيغية تعني “قرون الجبل”.

قربها من السماء، جعلها مدينة تمتاز بطقسها البارد، وجعل أبناءها يبدعون في نسج أغطية، وأفرشة، وجلابيب رجالية، ومآزر نسائية من صوف، وجعلها تعدل بين أبنائها لتورثهم روح الفن والإبداع، الجميع يستطيع نسج الصوف بألوان زاهية، ورسوم هندسية تسر الناظرين.

ويعتبر “المنديل الشفشاوني” مشترك اجتماعي، فهو عبارة عن مؤزر يربط ُ من الأمام ويغطّي “الكُرزيّة” وهي عبارة عن حزام صوفي يمتدّ طوله إلى خمسة أمتار وعرضه إلى أربعين سنتمتراً، يلفّ حول خصر النّساء بطريقة احترافية ودقيقة، ويتوفّر على ألوان وخطوط تبرز انتماء المرأة إلى مجموعة قبلية معيّنة بالإقليم، فيما يحتوي “المنديل الشفشاوني” على خطوط تختلف في طولها وعددها وحجمها وتتابع ألوانها، حسب كل قبيلة على حدة.

وأوضحت رئيسة تعاونية تلاسمطان التي تأسست بمبادرة ودعم من جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية بشفشاون، في إطار المشاريع المدرة للدخل، حفيظة أزيت، أنها ضمت، منذ تأسيسها، حوالي 30 متعاونة، من بينهن ربات البيوت جعلن من الدرازة والنسيج موردا لتوفير دخل قار يساهم في تحسين ظروفهن الاجتماعية. حرصت التعاونية، في البداية، على تكوين فتيات غادرن المؤسسات التعليمية، في إطار التكوين بالتدرج، بهدف فتح فرص للشغل والاعتماد على استقلالية ذاتية في تلبية ما يحتجنه.

وفي السياق، أكدت حفيظة أزيت نائبة رئيسة جمعية تلاسمطان التي تهتم بالنساء لتأهيل قدراتهم ومساعدتهم على تحمل الصعاب، وإعادة الإعتبار للشباب الضائع في المنطقة.

وأوضحت المتحدثة نفسها، بأن دخل المتعاونات يتفاوت حسب إنتاجهن اليومي، إذ كلما ارتفع عدد القطع، التي تنتجه كل واحدة ترتفع المبالغ المالية المحصل عليها، كما يرتفع الطلب على المنتوجات التقليدية حسب المواسم.

وتعمل المتعاونات، حسب برامجهن اليومية، وحسب القطع التي سينسجنها، إذ هناك من تعمل بمقر التعاونية، التي تتوفر على 6 “مرمات” للنسيج، كما أن هناك من تشتغل في بيتها.

ويرتفع هامش الربح بالنسبة للمتعاونة حسب نوعية المنتوجات التي تضم مناديل وأغطية وملابس وديكورات، تقول حفيظة أزيت، مؤكدة أن هذه الصناعة ساهمت في تحسين الظروف الاجتماعية للمنخرطات، كما ساعدت على توفير فرص للشغل بالنسبة لفئة واسعة من الحرفيين بالمدينة.

المصدر

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً