النجارة التقليدية بشفشاون, تراث انساني متجدد عبر التاريخ


 

 


 


النجارة التقليدية بشفشاون, تراث انساني متجدد عبر التاريخ

*****
-حوار مع المعلم نورالدين اولاد عمر-

 

 

 

 

 

 

 

اشتهرت- الساكنة بين الجبلين- مدينة شفشاون بمجموعة من الحرف التقليدية التي قاومت عوامل اجتياح العولمة و اكتساح المنتوجات الصينية. 
ومن بين هذه الحرف نجد النجارة التقليدية التي أعاد إليها بعض الحرفيين من أبناء المدينة بريقها بعد أن خفت لمدة ليست بالقصيرة.

فعلى الرغم من تراجع نشاط نجارة الخشب بفعل توجه اغلبية المستهلكين الى نجارة الالومنيوم, نجد مدينة شفشاون لازالت تعرف نشاطا حرفيا كبيرا ومتطورا في هذا النوع من النجارة. نشاط يوازي تطور نجارة الالومنيوم ويتجاوزها في بعض الأحيان. والفضل في ذلك يرجع الى تفاعل أبناء الحرفة والصناع القدامى المتشبعين بالطابع التقليدي لنجارة الخشب والذين وجدوا في الرجوع الى الاصل حلا لاعطاء حرفتهم شأنا كانت تتبوؤه في مجتمع الشاون القديم. 

ومن بين الحرفيين الذين اخذوا على عاتقهم تطوير هذا القطاع وارجاعه الى سكة الانتاج والابداع; المعلم نورالدين اولاد عمر الذي تجاوزت شهرته حدود المملكة المغربية وقطعت مضيق جبل طارق وصولا الى القارة العجوز التي .

 

ويقوم هذا النوع الفني على صناعة اثاث وقطع خشبية باعتماد ادوات من تراث حرفة النجارة, ويعتبر القادوم من أهمها: وهو عبارة عن اداة لتقطيع الخشب وصقله بشكل يدوي يترك معه تموجات تزيد المنتوجات رونقا وجمالا لا يمكن للالات الحديثة ان تضفيه عليها.

وللوقوف على طريقة عمل هذا المعلم قمنا بزيارته داخل ورشته لانجاز الحوار التالي:

 


 
  السيد نورالدين متى كانت بداياتك في النجارة؟

 

بسم الله الرحمان الرحيم….ولجت عالم النجارة في بداية الثمانينيات عندما كانت الصناعة الاكثر طلبا والاوفر انتاجا والاكبر دخلا…وكانت تتميز انذاك بدخول المكننة التي سهلت عملية التقطيع والتفصيل والصقل.

 

 عرفت النجارة الخشبية في الاونة الاخيرة منافسة شرسة من طرف نجارة الالومينيوم, الامر الذي جعل العديد من الحرفيين يهجرون النجارة الى حرف او مهن اخرى. هل هذا الامر ينطبق على النجارين في شفشاون؟

 

بالفعل فشفشاون جزء لا يتجزء من السوق الوطنية. فنظرا لاتجاه المقاولين وارباب اوراش البناء الى تجهيز البنايات بالالومينيوم, وكذا ظهور الاثاث المنزلية الرخيصة في  السوق, خاصة بعد دخول المنتوجات الصينية على الخط. كل ذلك ادى الى عزوف الطلب عن نجارة الخشب, الامر الذي دفع العديد من الزملاء الى التحول الى نجارة الالومينيوم نفسها, او الى مهن اخرى. لكنا  والحمد لله حاولنا ايجاد مخرج من هذه الضائقة وكان لنا ذلك بالرجوع الى التراث وتجديديه وفق ما يتطلبه العصر وما يعشقه الزبون, محافظين بذلك على حرفة الاجداد من الاندثار.

 

 

 

  كيف جائتكم فكرة التحول الى المنتوج التقليدي والبحث في التراث من اجل بعث الروح في نجارة الخشب؟

 

الفكرة طرحها اولا الفنان والرسام الشفشاوني المعروف محمد حقون. الذي كان يمتلك ورشة للحدادة التقليدية, فاقترح علي الرجوع الى صناعة المنتوجات الخشبية باعتماد القدوم الذي كنت اتقن استخدامه, وهي: الاداة التي كان يستعملها اجدادنا في النجارة قبل دخول الاات الغربية. فقمت بصناعة بعض المنتوجات الخشبية, وادخلت عليها قطعا من منتوجات الحدادة التقليدية عملا بتوجيهات فناننا المقتدر محمد حقون, الى ان وضعنا هذا الفن على سكته الصحيحة وذاع صيته.

 

 

 

 ما هي المنتوجات التي تقومون بصناعتها باعتماد هذا الفن؟

 

نقوم بصناعة الاثاث المستوحاة من التراث كالكراسي وصندوق العروس وخزانة الملابس العمودية  والاسرة التقليدية والنوافذ المقوسة…. كما نقوم بصناعة اثاث عصرية  كالطاولات والمكاتب .

 


 

:ماهي القطاعات او الحرف التي تتشارك معكم في انتاج هذا العمل الفني؟

 

اولا اريد الاشارة الى امر مهم وهو ان جميع القطاعات التي نتعاون معها هي من مدينة شفشاون, اي ان كل المنتوجات هي صنع محلي خالص. وهذه القطاعات هي الحدادة وصناعة الزليج الفسيفسائي والزجاج ثم النجارة التي تعتبر العمود الفقري لهذا الفن. فالنجار هو الذي يقوم بتجميع القطع واضفاء الطابع الفني عليها.

 

 

 

  كيف يتم تسويق هذا المنتوج التقليدي؟

 

في بادئ الامر كان المنتوج يسوق خارج ارض الوطن, وخصوصا اسبانيا. وتطور الامر بعد ذلك الى دول اخرى كفرنسا وهولندا… الا اننا لم نكن نقوم بالتصدير المباشر, بل نصنع الطلبات للزبون الذي يحضر الى المغرب شخصيا ويقوم هو بنقلها الى الخارج. ومؤخرا اصبح لنا زبائن مغاربة من المدن الكبرى كالدارالبيضاء ومراكش والرباط….اما شفشاون فلازال الطلب فيها قليلا, اللهم اذا استثنينا بعض عشاق هذا الفن.

 

 

 

 هل تقومون بتلقين هذه الصنعة التقليدية للشباب حتى لا تندثر؟

 

نعم بطبيعة الحال, نقوم بمد يد المساعدة للشباب المقبل على تعلم هذه الحرفة, خاصة وانه اصبح للفن صيت دولي واصبح يتربع مكانة مهمة بين الاصناف التقليدية المختلفة. وما احب ان اقوله هنا, هو ان هذه الصنعة تتطلب صبرا ومثابرة واعمالا للعقل قبل كل شيئ. فالدراية بامور النجارة الخشبية غير كاف لانجاز عمل فني يعشقه الناس. بل وجب على الصانع ان يكون ذا حس جمالي راق يمكنه من تحول الخشب الى لوحة فنية ناطقة.

 

 

 

حاوره لبريس تطوان

 

لطفي احميدان

 

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً