نعمان لحلو.. لا حواجز بين شفشاون وغزة

 

شهد مسرح محمد الخامس ليلة ثقافية بامتياز. كانت المناسبة احتفالا نظمته جمعية “رباط الفتح” وجعلت منه “إكليلا ثقافيا” ينبع من روح المدينة المغربية الأصيلة. المدينة تدافع عن نفسها بنفس عميق وقوي.

صاح الفنان بالجملة الموسيقية النابعة من التراث الذي صاغه الأجداد والأحفاد ليمتد إلى عصر يصارع فيه أنواعا تعبيرية تحتمي بسرعة وتكنولوجيا قد يراها البعض سريعة الانسداد. خلال أمسية الإبداع الموسيقي ذو الأبعاد التاريخية للمدن، تفرغ الفنان والمبدع الموسيقي، نعمان لحلو للتعبير عن جمال مدن المغرب وتنوع مظاهر هذا الجمال.

يكاد يجمع محبو الفن الموسيقي المغربي على أن التغني بالمدن مصدر إبداع للكثير من المغاربة المحبين لجمال مدنهم. تغنى عبد الوهاب الدكالي بفاس وبالمغرب في معركته من أجل التنمية الاقتصادية وحميد الزاهر بمراكش وإبراهيم العلمي بإفران ولكن نعمان لحلو ربط بكثير من الجهد الجملة الموسيقية بمنبعها الثقافي عبر رحلة عبر الجغرافيا الاجتماعية والفنية. ويظهر أن هذا المشروع هو مشروع حياة فنان من أجل تجسيد ذلك الحب الذي يربط محبا لحبيبته التي تنتقل من مدينة إلى أخرى لكي تدفعه إلى البحث عن هدية أغلى كلما غادرت من مدينة إلى أخرى.

هذه الحبيبة كانت تسكن في ” بلادي يا زين البلدان” لكنها رحلت إلى ” شفشاون النوارة” لتحط الرحال بعدها بمدينة ” قديمة وتحكي قصة شامة” . تابع الفنان رحلته في البحث عن ملهمته فلم يجدها في ” مراكش بهجة الأيام ” وأستمر البحث عنها في وزان ٦ خضعت لقوة المكان وتاريخه. لكن فاس أكدت للمولوع بزخم التاريخ أن الحضارة لا تبنى ولا تستمر إلا بقوة قيم السلام. وتشتعل قوة الإيقاع للإشارة أن شرق المغرب لم يتوان يوما عن مساندة شعب الجزائر في معركة استقلاله. وهذا شيء “مليح مليح راه مليح”. والفاهم يفهم.

لكن الزمن الحالي وارتباط الشعب المغربي بالقضية الفلسطينية والتزام نعمان لحلو بقضايا الشعب المغربي لم يمنعه من الولوج إلى أحياء غزة. نعم دخل نعمان لحلو بقيثارته إلى البيوت المدمرة من طرف الصهيونية وسقط على أرض الشهداء وغنى بما تبقى له من صوت. ” أنا غزة رمز العزة…أنا اللي مات… وأنا اللي عزا.” وغنت معه الجماهير التي حجت إلى مسرح محمد الخامس في مساء يوم الجمعة. من يعتبر الفن تعبيرا عن الثقافة لا يمكن إلا أن يتغنى بعزة ويطلب من جمعية رباط الفتح وكل الجمعيات المحبة للمدن العتيقة أن تربط كل أشكال التعبير بكل القيم التي تسعى للحفاظ على المدن العتيقة المغربية. أنا كل مدن المغرب…أنا غزة…أنا اللي مات…أنا اللي عزا … والسلام على أولي النهى.

إدريس الأندلسي

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً