الركود الاقتصادي يرمي زومي في دوامة الحنين إلى “زمن الحشيش”

الركود الاقتصادي يرمي زومي في دوامة الحنين إلى “زمن الحشيش”


 

بين جبال مقدمة الريف، انعرجت السيارة التي كانت تقلنا يسارا.. مناظر خلابة تتراءى للوافد وراء الجبل، تضم سهولا ومروجا خضراء، وعلى أرصفة المقاهي تتبدى وجوه رسمت قسوة الحياة أخاديدَ عميقة عليها، مظاهر الأزمة بادية من بعيد على طول الشارع الرئيس المؤدي إلى مقر المجلس الجماعي زومي، وذلك بالرغم من حرص مسيري الشأن العام على تهيئة مدخل المركز.


الوافد على جماعة زومي بإقليم وزان لا يصعب عليه أن يلمس ركود الحركة الاقتصادية بالمنطقة بعد اتساع رقعة الأزمة في ظل متغيرات اقتصادية كرست واقع الركود في عدد من القطاعات الحيوية، ما يؤشر على ميلاد أزمة اقتصادية خانقة يشتكي منها عموم المواطنين والتجار والمستثمرون.


مرحبا بكم في جماعة زومي، التابعة لإقليم وزان بجهة طنجة تطوان الحسيمة، وفق التقسيم الإداري الجديد للمملكة.



عاصمة الحشيش تختنق

وضع اجتماعي واقتصادي هش تعيشه الجماعة الترابية زومي التي حملت لقب “عاصمة الحشيش” في وقت مضى ولم تعد تحمل من هذا الاسم غير ذاكرة حبلى بالرواج في فترة احترفت خلالها ساكنتها زراعة “العُشبَة”، وراكمت بين صفوفها الآلاف من المبحوث عنهم بناء على مذكرات أمنية للضبط والإحضار.


ما أن يدلف المرء إلى مركز زومي حتى يقع بصره على حجم الفوضى التي تعيشها هذه الجماعة الترابية، بدءا من الركن العشوائي لسيارات الأجرة بفضاء يقال إنه “محطة طاكسي” وصولا إلى حالة الجمود التي تعرفها المقاهي وشغورها إلا من بعض الرواد المنهمكين في لف السجائر بـ”الحشيش” وتدخين “السبسي”، اللذين يعتبر تناولهما أمام الملأ أمرا عاديا؛ فنحن في زومي.



وإذا كان يحسب للمجلس الجماعي الدور الكبير الذي يقوم به بشكل يومي من خلال التفاعل مع المطالب الآنية والمستعجلة للساكنة، فإن رداءة البنية التحتية تشكل مشكلا عويصا منذ الأزل، مشكل أكبر من الحيز الترابي الذي تشغله الجماعة، يبرز بجلاء من رداءة المسالك الطرقية المؤدية إلى عدد من الدواوير والمداشر، وهذه علامة كافية ليعرف الزائر أن الأمور ليست على ما يرام على الأقل من الناحية الشكلية، على اعتبار أن مدخل أي تنمية يمر عبر توفير الطرق والمسالك.


الركود الذي تعرفه الجماعة لا يقتصر على المجال الاقتصادي وحسب، بل يتجاوز ذلك ليمس مجالات أخرى كالثقافة والرياضة، وهو ما عبر عنه محدثنا الذي رفض كشف هويته للعموم لاعتبارات هو أدرى بها، مشيرا إلى عدم قيام المكتبة الجماعية بالدور الموكول إليها بفعل افتقادها للجاذبية، كما أنها لا تحقق للمتعلم الإشباع النفسي ولا المتعة الكافية، وتظل أبوابها موصدة إلا في حصص الدعم والتقوية التي تحتضنها مساء بعض الأيام، والأمر نفسه يهم دار الشباب التي تحتاج إلى أطر تضخ دماء جديدة في شرايينها لإعادة استقطاب اليافعين.



يقر الشاب الثلاثيني، في تصريح لمصدر صحفي، بخفوت وهج زراعة الحشيش بالمنطقة بفعل عوامل عدة؛ أبرزها محاصرة السلطات للمزارعين وتطويقها للمنتوج، وتراجع عائدات البيع وصعوبة تسويق “العشبة”، كما يعترف بتراجع عدد الشكايات الكيدية ضد المواطنين والمزارعين بالمقارنة مع السنوات الماضية، مستحضرا نزيف الهجرة الذي خلفته الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الخانقة.


شكل الحشيش على مدى عقود خلت المحرك الاقتصادي الأول بمنطقة زومي، راكم خلالها “الحرايفية” مبالغ ضخمة تم تبيضها عن طريق مشاريع عقارية في كل من طنجة وتطوان. ورغم تراجع ذلك حاليا، إلا أن صغار الفلاحين مازالوا يصرون على زراعة “العشبة” بدل الزراعات البديلة التي تقترحها الدولة، غير مبالين بما يرافقها من عقبات قد تنتهي بممارسيها خلف أسوار السجن.



في انتظار التقنين

أعاد مقترح القانون القاضي بتقنين زراعة “الكيف” بالمغرب، الذي تقدم به فريق حزب الأصالة والمعاصرة في الغرفة الثانية، الجدل داخل الأوساط السياسية بالمغرب.


ويرى واضعو المقترح أن “التقنين يهم الأمن العام، لأنه يمكن السلطات العمومية من بسط رقابتها على إنتاج هذه الزراعة”، بالإضافة إلى أنه “سيكون أقل تكلفة على الدولة وعلى أمن المجتمع وأهالي المنطقة من حيث المتابعات القضائية والأحكام السجنية لأرباب العائلات”.



وفي وقت ما زال فيه الصمت يطبق على أفواه سكان المنطقة وفعاليات المجتمع المدني بزومي، فإن موقف الحكومة من هذا الموضوع لم يتغير؛ فهي ما تزال متشبثة بقرار رفض المقترح، معتبرة هذا النشاط مجرما قانونيا ويستدعي المنع.


وربط المصد ذاته الاتصال بمحمد احويط، رئيس المجلس الجماعي لزومي، قبل مباشرة الروبورتاج، وقال إنه خارج الجماعة لالتزامات عائلية، مشيرا إلى أنه سيعود يوم الجمعة إلى مكتبه. وقد أعدنا الاتصال به يومها غير أنه لم يرد على مكالمتنا.

 

 

الشاون بريس/المصدر

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً