العين الحمراء: الهيف… والعياذ بالله
كتب: يوسف بلحسن
الليلة الأولى لدخول الشهر الكريم …لم أتصور أن أجد بمدخل سوق مرجان كل ذاك الحشد من بني البشر ، الكل يجري هنا وهناك والكل يتسابق من أجل ضم أي شيء وأي نوع المهم أن يشتري وكفى، يبدو المظهر كما لو أننا مقبلون على حرب أو حالة طوارئ والعياذ بالله، الكل يتعارك من أجل جعل “قفة مرجان الضخمة” مملوءة بالتافه من الأمور والكماليات.. الصورة بيئسة وتثير الغضب أو بالأصح الشفقة، الشفقة لإخوة وأخوات دخل “الهيف” إلى قلوبهم بشكل هستيري فأصبح الشراء كل همهم وأصبح الاستحواذ على أنواع المأكولات- الغير الضرورية في أغلبها -كل شغلهم، ترى لماذا انتظر الجميع حتى آخر ليلة من شعبان ليصطفوا طوابير طويلة في محلات البيع من أجل اقتناع المواد الغذائية ؟ ترى هل كانت بيوتنا قاحلة طيلة السنة وعلينا انتظار الشهر الكريم ليخرج بعبع “الهيف” من النفوس ويستولي على الساحات والأسواق؟ لا أدري من أين أتانا كل هذا الهوس بامتلاك الدنيا وملذاتها ..طبعا نحن لا نتحدث عن رغباتنا ونزواتنا فكل واحد منا يحب الجميل والطيب ولكن بالله عليكم هل ما نلاحظه جميعا في فترات الأعياد والمناسبات أمر عادي؟ هل بالفعل نعيش حالة فقر مدقع ؟ لنترك التباكي على واقع فئة عريضة من مجتمعنا تعاني من ضيق الحال وبعضها يعيش حياة تنقصها الكرامة و العزة فداك ملف لا يمكن إنكاره… ولكن لنتحدث عن تلك العينة العريضة التي لا تتوقف عن البكاء طيلة الوقت وفي نفسه لا تقف عن امتلاك الأشياء مهما كانت تافهة؟تلك الفئة التي تشكل رقما مهولا من الناقمين طيلة الوقت ومن الذين لا يتوقفون عن تسويد الحياة والحديث بكل شانئ من القول، تلك العينة التي ما أن تستمع إليها حتى تأخذك رغبة في سبها لأنك تعرف أنها كاذبة وأنها “كافرة بنعم الله” وان أعينها-قبل بطونها- لن تملأها إلا الرمال..لماذا هذا التباكي اللامبرر ،حتى أصبحنا أشهر من نار على علم بين شعوب الدنيا في الدعوة السوداوية؟
أكيد أن هناك خطأ ما في تركيبة بنيتنا النفسية ، وأكيد أن خيط الرفعة والكرامة وشكر النعم ضاع في لحظة ما من تاريخنا..الزميل الصحفي سعيد يستثير غضبا عندما يرى قوافل من طالبي معونة رمضان/القفة/ بمحل” الكريم” قرب بيته،يغضب لأنه وبحكم عمله يعرف أن البعض هناك قد وسع الله عليه وأنه يملك مثلا طابقين وأكثر ورغم ذلك تجده الأول في باب السعاية.. بئس القوم
بالله عليكم متى جلستم مع أحدهم وقال: أنا بخير ولا ينقصني أي شيء ؟أنا لا أقصد كلمة” الحمد لله” التي نفوه بها عفويا وبطريقة تنم عن أننا في أعماقنا غير راضين .ولكن أقصد ذاك الاعتراف الحقيقي بشكر نعم الله مهما كانت الظروف.؟للأسف هناك خلل كبير في تكويننا ،هناك مرض عضال سيطر على أجهزتنا وقلوبنا، علينا أن نقر بذلك وعلينا أن نبدأ في عرضه على العموم علنا نصل يوما ما إلى حمد الله على نعمه ..وإلى أن يتحقق ذلك وحتى لا أكون مجرد كاتب مزايد ادعوكم للبحث في قماماتنا لتتأكدوا جميعا من مدى الخير “المهروق” في الأزبال لأمة تدعي أنها فقيرة وتعيش الهوان…