العين الحمراء: نساء الموقف

 

 

العين الحمراء: نساء الموقف


كتب: يوسف بلحسن

هو بالفعل”موقف” ولكن نُطقه يصعب،لأنه مزيج من الدارجة واللغة العربية، “الموقف” نقصد به ذاك المكان الذي تنتظر فيه نسوة فاضلات أن تجود عليهن الساعات بفرصة عمل وليس أي عمل بل أقل من أي عمل المهم لقمة خبز حلال في زمن استأسد فيه الحرام وأولاده.

لم أستطع أن اكتب حول الموضوع يوم استدعتني الأخت حورية لحضور الوقفة التضامنية مع نساء الموقف والتي نظمتها جمعية “دعم النساء في وضعية صعبة” لأنني وبعد الاستماع إلى شهادات من يعانين من ظلم وقهر الزمان في الموقف خجلت من نفسي ، حقيقة أننا كلنا نعرف واقعنا ولكننا عادة ما نتهرب منه بدعوى كثرة مشاكلنا وهمومنا وبتبريرات أخرى ولكن عندما تواجهنا الحقائق مباشرة وتصرخ في وجوهنا تحس ساعتها بالخجل من مواقفنا ومن سلبياتنا…

سيدات فاضلات في عمر أمهاتنا دفعتهم الظروف للبحث عن عمل شريف لسد لقمة خبز لطفل يتيم أو أب مريض، لا عون لهن…. يقفن كل صباح هناك أمام مقر القنصلية أو هنا في وسط حي كورنيش مرتيل وفي غيره ينتظرن بصبر غريب أن يمر هذا أو ذاك وأن يشر إلى إحداهن لتقوم عوضا عنه بترميم أغراضه المنزلية وتوضيب شقته …وكل هذا مفهوم ومقبول فما نحن إلا عمال ومستخدمين عندنا بعضنا البعض، ولكن الذي يحز في النفس هو سماع شهادات تلك الأمهات الفاضلات حول التحرش الجنسي الذي يتعرضن له وحول المعاملة القاسية التي يلاقينها وحول ضياع أي أمل لهن في المستقبل وحول غياب آية ضمانات صحية وحقوقية …، هن مجرد كائنات يفتقدن لأي اعتراف بإنسانيتهن ولا يلقين أية عناية سواء من طرف المسؤولين او من طرف المجتمع المدني، يبدو أننا قبلنا بتواجدهن الدليل وبقهرهن وكأنه قدر مسيطر لا أمل في تغييره.

شهادات كثيرة قدمت في يوم عيد المرأة وما هو إلا يوم دلها وقهرها وكان –يوم- فرصة لتفرغ ما في قلبها ولتقول للناس في ساحة الكنسية أمام نافورة المياه الملونة فوق أرصفة اهرقت عليها الملايين لتزيينها للمارة أن تقول تلك النسوة : كفى من قهرنا -بالله عليكم- وانظروا إلينا نظرة رحمة” ،ضعونا في برامجكم الانتخابية ودافعوا عن حقوقنا الإنسانية اقلها على الأقل..فقد سئمنا هجرانكم واستغلالكم لنا وما نحن إلا أخواتكم وأمهاتكم وبناتكم…

مبادرة جمعية “دعم النساء” كانت مبادرة نوعية وبالفعل واستطاعت أن توصل رسالة سامية لمجتمع ينسى بين همومه أن هناك من يحمل هما أكبر ، حورية وباقي مناضلات الجمعية استطعن أن يرمين بالحجرة في البركة الراكدة،على الأقل في مدينة تطوان، ولو تحركت باقي جمعيات المجتمع المدني لفرضت على السياسيين تغيير نظرتهم في أفق البحث سويا عن حل لمعضلة أمهات قهرن الزمان وضاع حقهن بين أشباه الرجال.

 

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً