تسونامي ” الكيف الشاوني “

تسونامي ” الكيف الشاوني ”



أحد المقاولين الشباب في مجال السياحة بشفشاون يصرح:

 ( حركة كبيرة تعرفها الشاون كلشي خدام لتطوير السياحة بحيث و صلت في المدينة وحدها أكثر من 184  دار للضيافة ،لكن الحشيش و التصوف باقيين هما اللي كيجيبو السياح للمدينة )

تعرف مدينة شفشاون بعلامات كثيرة لا يمكن طمسها رغم أن عبث الزمان الذي يستهدف عمقها          و شموخها قد يؤثران على تاريخها الباهر و الحافل بالأمجاد و البطولات ، و إلى جانب ذلك تعرف أيضا بالكيف نعم الكيف و البعض يصر أن تكون للكيف و للكيف فقط ،فما موقف العهد الجديد عن ما يكتب و يقال عن الشاون في هذا الصدد ؟

لم يعد مقبولا تسمية الكيف الشاوني بالقنب الهندي ليس إنكارا لأصله و لا تشبثا بانغراسه العميق       في التربة الشفشاونية  لأنه ليس بالشيء الذي يفتخر بامتلاكه أو يتنازع حول انتمائه ولكن لتوفره على شروط حمل الجنسية الشفشاونية بامتياز و رغما عن ساكنة الإقليم كمواطنين متضررين بالدرجة الأولى ، فلقد شكل الكيف الشاوني كصناعة قائمة بذاتها مصدر إثراء و جاه بالنسبة للعديد من الأباطرة و المنتخبين و من الطبيعي أن يتم حمايته ليستمر بل و أن يتوسع إنتاجه بهذه الطريقة   أو تلك و أن يتم  تسويقه و ترويجه بكل مشتقاته بالداخل و الخارج ضدا على كل الأصوات      التي تدعوا إلى إنقاذ أبناء الإقليم من سمومه و أثاره المدمرة ، وهته الحماية المستمرة بما في ذلك التستر على تبييض عائداته ليست خافية على أحد و تعد من العناصر الأساسية لمجموعة          من التحقيقات الصحافية المكتوبة و المرئية و التقارير الوطنية و الدولية التي تتحدث عن شبكات المخدرات ذات الامتداد الدولي و المرتبطة بفرق الموت على الطريقة المغربية في مجال الهجرة السرية و التهريب و اخيرا الارهاب.

إذا كان هذا هو حال الماضي المستمر في الحاضر فماذا عن المستقبل في ضل العهد الجديد ؟             إن التحديات المطروحة اليوم كثيرة و في مقدمتها المعالجة السلمية و البحث الجدي  عن أنجع السبل لنزع الجنسية الشاونية عن الكيف و الحد  من انتشاره و توسع استهلاكه و ذلك في إطار مشاريع  و أوراش تنموية كبرى و واقعية تتماشى و خصائص الإقليم ( مناخ ، تضاريس …)  والتي يتوخى منها النهوض بالأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و تهدف إلى إرساء بدائل فعلية  من شأنها رفع الحيف عن المنطقة المهمشة و المحذوفة من أجندة القيمين على الشأن بعيدا عن الحملات الفلكلورية كحملة 1996 و ما سمي بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية .

إن العهد الجديد أمام معضلة لا تقل خطورة عن باقي المعضلات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تعد محكا حقيقيا لمصداقية الشعارات المرفوعة و لجدية الخطاب الرسمي فيما يتعلق بالتطهير و التخليق و لمدى تجاوبه مع الإلحاح الأوروبي على وقف تسرب القنب الهندي و مشتقاته إلى ترابه ، كما أن الهيئات السياسية بدورها معنية بهذه المعضلة /الآفة القاتلة  لان غض الطرف عنها مؤشر قوي على العجز بالنسبة للبعض و تواطؤ للبعض الأخر هذا الأخير الذي يضم في صفوفه أباطرة المخدرات بالمكشوف و بفضلهم نمى رصيده المالي و البرلماني.

  فلقد كشف تقرير لجمعية حقوقية بتورط الأوقاف والسلطة والمنتخبين في زراعة الكيف عقب زيارة ميدانية قامت بها إلى بعض المناطق المزروعة بالكيف بإقليم شفشاون عن مجموعة من الخروقات المتعلقة بالاعتداء على الملك الغابوي وزراعة الكيف من طرف منتخبين و برلمانيين ، مع اتهامات لعناصر في السلطة المحلية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية  والدرك الملكي بما سماه “التواطؤ والصمت وتشجيع زراعة نبتة الكيف ” وأورد التقرير أنه تم الوقوف رفقة مستشار جماعي على القطعة ارضية وهي مزروعة بالكيف على مساحة 4 هكتارات ، بعدما تم الاعتداء على الملك الغابوي وأكد التقرير أن المرافق وبعض السكان الذين تمت ملاقاتهم يؤكدون أن اصاحب الأرض يحرثون قطعا عديدة يتطلب الوصول إليها أياما ومنها قطعة تقدر مساحتها بحوالي 4 هكتارات ، ومجموعة من الأراضي المجاورة والمحيطة بالمنازل الأربعة لمالكها ، وقطع أخرى  يبلغ مجموعها 14 بمساحة إجمالية تقدر بـ23 هكتار ، كلها مزروعة بالكيف أمام السلطات المحلية والدرك الملكي وبضماناتهم ، وكشف التقرير أن صاحب الأراضي المزروعة بالكيف مستشار جماعي ويحمل صفة فقيه كمهنة يستغلها في الترشيح للانتخابات ليصبح من أكبر أباطرة المخدرات والكيف في منطقة الشاون الواسعة،وأن أغلب القطع الأرضية المزروعة بالكيف أنجز بشأنها بيوعات عرفية لأبنائه بما فيهم القاصرين تحسبا لأي مخاطر قضائية من جهة ومن جهة أخرى فإن أخاه يعتبر عون سلطة في نفس المنطقة وهو يعتبر عينه وسنده في مهامه     و لا يمكن أن يرفع أي تقرير رسمي بشأنه ، في حين يرفع تقارير بأشخاص آخرين بأمر من أخيه أو بكل من يريد الانتقام منه لسبب أو لآخر.                                                                        

وأضاف التقرير أنه بالرغم من نفوذ المستشار الجماعي وأخيه الشاغل لمنصب عون سلطة ، والذي يتحاشى رفع تقارير بشأنه فإنه يحظى برعاية وحماية وغطاء السلطة المحلية الذي تعطي أوامرها بعدم كتابة أي تقرير عنه ، بل إنها هي الضامن لهذه الزراعة خلال كل مراحلها. 

وتحدث التقرير عن تنقل أعضاء الجمعية منطقة اخرى ووقوفهم على وجود عدة قطع أرضية مزروعة بالكيف مساحتها تفوق 7 هكتارات تعود ملكيتها لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، حيث أوردت أن الأراضي مترام عليها من طرف من يحرثها دون أن تحرك الجهات المالكة ساكنا وزاد التقرير أن مسؤولي الأوقاف لم يسبق لهم أن اتخذوا أي إجراء في مواجهة المترامي كما أنه لا توجد عقود كراء أو ما شابه ، وهناك من فسّر الأمر بأنهم يتفادون مثل هذه العقود حتى لا يتورط الشخص الذي يحرث الكيف،وأشار أيضا إلى أن هناك عقود كراء في اسم أشخاص غريبين عن المنطقة ولا يتحوزون للأرض ، في حين أن هناك من يتحوّزها فعليا ويستغلها في زراعة الكيف وهي الأساليب التي يلجأ إليها للتمويه والتحايل على كل حملة محتملة من أجل إلصاق التهمة بأصحاب العقود.  

واسترسل التقرير في الكشف عن نتائج ما توصلت له الزيارة الميدانية ، حيث أكد أن صاحب الأرض تجرأ على زراعة تلك المساحات نظرا للحماية التي يحظى بها لأنه ينتمي إلى الحزب الحاكم ويدفع بأحد اقاربه  إلى الواجهة للترشيح باسم هذا الحزب كما حدث في الانتخابات السابقة ومعروف لدى الساكنة بهذه الصفة السياسية ،و يستطرد المصدر أنه أثناء التصوير لا تكاد الكاميرا تلتقط غير ما زرعه المعني بالأمر بالكيف في قطعه الأرضية ، أما باقي منازل المواطنين العاديين المجاورين له تبدو خالية كلها من الكيف خوفا من بطشه لما يتمتع به من سلطة و جاه.

       وشددت الجمعية على أن عدم تطرقها لباقي الأراضي يرجع لكونها صغيرة جدا وتعود لصغار الفلاحين الذين يحاولون البحث عن العيش في حدود المعقول بالنظر لطبيعة المنطقة ،          مشددة على أن تقنين الدولة لهذه الزراعة لأهداف تنموية سيمكن من إخراج المنطقة من الاستغلال الاقتصادي والسياسي والقهر والإقصاء وفق تعبير التقرير.

شفيشو عبدالاله/الشاون

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً