حديث في التربية بقلم: ذ. عبد النور التفزي

حديث في التربية


بقلم: ذ. عبد النور التفزي

برشلونة

نقرأ في كثير من الصحف و نستمع لكثير من البرامج التلفزيونية, فجل المواضيع تهتم بالأحداث السلبية كالجرائم على اختلاف أنواعها كالإغتصاب، السرقة، العنف … الخ …

حتى القارئ يصاب بالشعور السلبي شعوربالخوف وعدم الإاستقرار النفسي … فلماذا لا نخصص وقتا لنكتب و نقرأ و نهتم بالأسباب التي تجعل شبابنا وأفراد مجتمعنا يستسلموا لفطرة التسامح و السلم ويدخلون عالم العنف و العداء ، لننتقد أنفسنا و لنغيرها حتى يكون تأثيرنا إيجابي بحول الله، لهذا كله فكرت الكتابة في موضوع التربية, هذه الكلمة التي تعني سر كل نجاح و منجم كل خير.

فغيرة مني على بلادي و على الاجيال الصاعدة خاصة المراهقين .

قررت الكتابة عن التربية وأنا اطمح ان تكون شهادتي هذه المتواضعة, قطرة ماء نظيفة وسط بحر التربية الهائج بين لحظة واخرى.

التجربة و ممارسة الأشياء كنز ثمين , ومن خلال ممارستي للتربية الإجتماعية والإحتكاك مع القاصرين من مختلف الثقافات و البلدان لمدة سنين طويلة ببرشلونة, (حيث جزء مهم من القاصرين هم مغاربة) تبين على أن القاصر المراهق الذي يبدوا متمرد ورافض للمجتمع من خلال تصرفاته السلبية و تمرده على القوانين الإجتماعية، يتصرف بعنف و عدم التسامح أو يفضل الإنطواء و العزلة على ذاته… كل هذا يجعل المجتمع ينظر إلى هذا المراهق كأنه متهم ,بينما الأقرب إلى الصواب هو الضحية ,وخاصة لما يصل ألى درجة الهجرة المملوءة بالمخاطر والمغامرات نحو عالم مجهول .

هو الضحية لأنه عاش فراغ تربوي ، عاش منسيا تربويا ، عاش في بيئة لم ترحمه (الأسرة و المجتمع ) و لم تجعله ينمو نموا سليما فقد كانت ملوثة و غير آمنة او كانت فارغة في عمقها التربوي و الاسري…لانه من السهل ان نكون اباء بيولوجيون لكن الاهم ان نكون اباء تربويون ….

إذن نستطيع القول أن النتائج التربوية التي نحصد حاليا تعتبر نتائج جد سلبية انطلاقا من الضواهر المرتبطة بالإجرام كما صار يعرف “بالتشرميل” إلى هجرة القاصرين و ركوب قطار المغامرة نحو أوروبا ,هذا قد يكون المقياس و المنبه الذي يدل على ان الأمور تحتاج إلى إعادة النظر و التأمل في الأسباب والعمل سويا لإيجاد

بعض الحلول. و أقصد بكتابتي هذه أن نركز على التربية الغير المباشرة بمعنى أن نتفاعل بإيجابية وفعالية على المستوى التربوي كأفراد جماعات و مؤسسات …

حتى نعيد بعض العافية و الثقة لبيئتنا الاجتماعية لنتقرب من الشباب والمراهقين ، و العمل على الوقاية التربوية و العمل على كسب الثقة المفقودة ، لعلنا نصنع بيئة سليمة لأن البيئة هي نحن كلنا ، علينا أن نتصالح مع أنفسنا ومع أولادنا ونمارس ما نقول وبما نؤمن على أرض الواقع ، فليس هناك صدفة في التربية فكل شيء في تفاعل مستمر مثل المادة تماما .

فلنجعل تأثيرنا إيجابي و تفاعلنا كذلك، لأن معرفة المشكلة هو نصف حلها, ومشكلة التربية هي البيئة, التي هي نحن جميعا فلنغير أنفسنا لتغيير البيئة و لنمنح نوع من الأمن الإجتماعي للمراهق … لأن الشارع لا يرحم و خاصة مع تكنلوجيا الأتصالات شارعنا مرتبط بشوارع العالم الأكثر تعقدا والاخطر الانحرافا.

 

 

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً