حوار مع طبيب نفساني بمستشفى محمد الخامس بشفشاون
في هذا الحوار أكد عبد الحميد بلهاشمي الطبيب نفساني بمستشفى محمد الخامس بشفشاون على خطورة مرض الوسواس القهري و كشف عن معطيات مثيرة حول هذا المرض، فما مفهوم الوسواس القهري؟، و ما هي أعراضه، و سبل علاجه؟، وهل يمكن للقرآن الكريم أن يكون علاجا فعالا لهذا المرض؟، أسئلة و أخرى يجيب عنها الأخصائي النفسي في هذا الحوار.
الشاون بريس: دكتور تشتغلون كثيرا على موضوع الوسواس القهري لماذا هذا الاهتمام؟
أولا. الوسواس القهري هو مرض يصيب 3 بالمائة من الناس، إذن هناك مليون مغربي مصابون بهذا المرض، و هذا معناه أن المسألة ليست بالسهلة، بحيث هناك إحصائيات تشير إلى انتشار واسع لهذا المرض، إذ أن نسبة 3 بالمائة تبقى نسبة كبيرة، و من هنا جاءت فكرة الاهتمام بهذا الموضوع باعتباره أحد أهم معالم الاضطرابات الشخصية الكثيرة و من ذلك الاضطراب ثنائي القطب، كما أن أهمية الموضوع تكمن في الاضطرابات التي بات يعانيها المجتمع.
الشاون بريس: اذا كان بالامكان دكتور أن تعطينا تعريفا بشكل عام حول الوسواس القهري و أيضا تطوره و أعراضه ؟
الوسواس هو مرض نفسي مزمن، يستقر في الانسان و قد يستمر لأشهر عديدة و يمكن أن يستمر لسنوات، بحيث تسيطر على الانسان، عدة أفكار و سلوكات تفرض نفسها عليه، فهذه الأفكار الغير الطبيعية تجعل من الشخص المصاب يحس بالتوتر و القلق، و هذا ما يدفعه إلى القيام ببعض السلوكات لكي ينقص من القلق و التوتر، مما تنتج عنه حالة من الاحباط و حالة من الاكتئاب، تبدأ غالبا في فترة المراهقة و أحيانا منذ الطفولة، و قد تستمر هذه الحالة لسنوات و يكون لها تأثير على علاقته مع الناس و على عطائه و كذا في عمله، إذن هذا المرض ثمنه غالٍ جدا.
الشاون بريس: هل يمكنك إعطاؤنا نظرة شمولية عن أسباب تفشي هذا المرض؟
هذا المرض هو مرض بيولوجي، و سببه اضطراب يصيب عمل الدماغ، كما أن الانسان يكون له استعداد لمرض الوسواس القهري، و هذا الاضطراب الذي يحصل في الدماغ الخاص بمادة السيريوتونين، بمعنى أنه إذا كان اضطراب في عمل الدماغ خاصة في الفص الجبهي و العقد القاعدية من هنا تظهر تلك الوساوس و الافكار، بما يشكله ذلك من اضطراب بيولوجي و له علاقة بعمل الدماغ.
الشاون بريس: هل هناك إحصائيات حول هذا المرض بالمغرب؟
تقدر الاحصائيات أن هذا المرض منتشر من 2 إلى 3 بالمائة بالمغرب كباقي الدول الأخرى تقريبا، هذا الاحصاء هو إحصاء عام في جميع المجتمعات.
الشاون بريس: كيف يؤثر ذلك على الفرد؟
يؤثر على الفرد بالنقص في إنتاجيته و يعطيه توترا و قلقا كبيرين، مما يجعل الانسان غارقا في السلوكات القهرية و في أفكاره، و انغماسه أيضا في ذلك، يضيع وقته كثيرا، و تضطرب علاقته مع الناس، و ينطوي على نفسه ويعيش مع وسواسه، و يمكن ذلك أن يؤدي إلى الاكتئاب و من ثم الانتحار، و ذلك يؤثر بطريقة سلبية على حياة الانسان و محيطه.
الشاون بريس: ماهي الحلول التي يمكن تتخذ لمعالجة هذه الافة؟
أولا يجب على الانسان المصاب أن يذهب عند الطبيب لأنه مريض و يجب المعالجة بالدواء و كذا العلاج النفساني المتمثل في العلاج السلوكي و المعرفي، وأيضا العلاج الاجتماعي و يتجلى في كون الطبيب يعلم أسرة المصاب بالوسواس القهري كيف يتعاملون معه، فالعلاج يجب أن يكون شاملا من جميع الجوانب التي ذكرناها.
الشاون بريس: هل يمكننا اعتبار الرجوع الى القران الكريم و السنة النبوية فعلا، حلا من أولويات الحلول التي يمكن اتخاذها؟
فعلا، الرجوع إلى القران الكريم و السنة النبوية، يساعدنا كثيرا، لأنه يحثنا على العلاج أولا، لأن السنة تحث على العلاج، و القرآن الكريم يحثنا على الصبر لأي ابتلاء، و هذا كجميع الابتلاءات الأخرى، و من هذا الجانب فديننا يحثنا على الصبر و علاج الابتلاء، إذن، في هذا الاطار فالدين يكون له دور إيجابي في هذا الاتجاه.
الشاون بريس: سؤال أخير دكتور أين يتمثل دور العائلة أو الأسرة بصفة خاصة في العلاج؟
الأسرة لها دور كبير، فإذا كانت تقمع و تهين و تحبط المريض فهي لا تساعد على العلاج، و لكن إذا كانت تساعد المريض و تتعامل معه كون هذا المرض الذي أصابه هو اضطراب بيولوجي فوق طاقته، و تتماشى أيضا مع البرنامج العلاجي الذي رسمه له الطبيب، إذا استجابوا لذلك فأمور المريض تتحسن ويكون عاملا إيجابيا في علاج هذا المرض، و إذا حصل عكس ذلك فيكون عاملا سلبيا تجاه المريض و لا يكون له الخلاص من هذا المرض.
سفيان الرزاقي ـ الياس بوبكري/ الشاون بريس