يُعاني إقليم شفشاون من ارتفاع معدلات الانتحار، فهذا الإقليم، المعروف بجمال طبيعته وثقافته الغنية، شهد زيادة ملحوظة في حالات الانتحار في السنوات الأخيرة، حيث تم تسجيل عشرات الحالات سنويا، وغالبية الضحايا من الشباب والمراهقين، مما يثير القلق حول الصحة النفسية والتعليم والتوعية في المنطقة، كما يُرجع خبراء نفسانيون أن العوامل التي تساهم في هذه الظاهرة تتعلق بالبطالة، الفقر، الاكتئاب، وضغوط الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
ولازالت أخبار الانتحار تتواتر بالإقليم، حيث أقدم، الأربعاء المنصرم، رجل متزوج يسكن بمدشر ماكو قيادة باب تازة إقليم شفشاون على إنهاء حياته شنقا، وفق ما أوردته مصادر محلية متطابقة، كما تم تسجيل في نفس الأسبوع حالة انتحار أم بنفس المنطقة.
وفي هذا السياق، قالت الأخصائية النفسية بشرى مرابطي إننا الآن أمام مجموعة من الوقائع والسلوكات يظهر أنها تكثر في إقليم شفشاون، وفي غياب إحصائيات رسمية لا يُمكننا الحديث عن وجود ظاهرة، لكنه من خلال تقارير لمجموعة من الباحثين يظهر أن النسبة بهذا الإقليم مرتفعة، وهذا يتطلب من السياسة العمومية إطلاق دراسات سواء جامعية أو للجهات المختصة بالمنطقة.
وبعيدا عن المعطيات التي يُمكن أن تمدنا بها الدوائر الأمنية، يظهر أن هناك عاملين أساسيين يختصان بإقليم شفشاون، أولها متعلق بالجانب الاقتصادي على اعتبار أن المنطقة تعاني من البطالة خاصة بعد تحول المناطق الزراعية من زراعة متنوعة إلى زراعة القنب الهندي، وهذا كان له تأثير على البطالة ومحدودية الدخل بالمنطقة. وفقا للأخصائية النفسية.
وأضافت ذات المتحدثة في تصريح لمصدر صحفي أن الحديث عن الانتحار يرتبط أساسا بدليل التشخيص العالمي للأمراض النفسية والعقلية الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي والاضطرابات النفسية، أن ثُلث حالات الانتحار في العالم، والمغرب وإقليم شفشاون شأنهما شأن ما يوجد في العالم، مرده إلى أمراض عقلية أو ما يصطلح عليه بالأمراض الذُّهانية مثل الفصام واكتئاب السوداء واكتئاب ذو القطبين أو الأمراض العصابية مثل الاكتئاب ما بعد الولادة أو الإدمان أو الإحباط أو الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان.
وأكدت ذات المتحدثة أن “ثُلث الحالات ترتبط أساسا بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية مثل التشدد الفكري والتطرف والفشل الدراسي والمهني والمشاكل العاطفية والأسرية وكذلك الفشل العاطفي مثل الطلاق أو تجربة عاطفية عابرة أو الحمل خارج مؤسسة الزواج وغيره من العوامل الأخرى”.
وقالت المرابطي في تصريحها إن “هذه الأمور التي تم ذكرها تُؤدي مُجتمعة إلى ألم، وحين يعجز الإنسان عن مواجهته يلجأ إلى الهروب فينعكس الأمر في صورة عدوان تجاه الذات، وهذا بالنسبة للأمراض النفسية، وبالنسبة للأمراض الذُهانية فإن السبب هو سبب داخلي يرجع إلى إشكال في كيمياء الدماغ تُدخل الإنسان في نوع من الهلوسة وهي عبارة عن أصوات يسمعها وتأمره بالانتحار وإيذاء الذات”.
وحول الإجراءات التي يُمكن القيام بها لتطويق الآفة، دعت الأخصائية السلطات المُختصة للعمل على مد المختصين والإعلاميين بالأسباب الحقيقية للانتحار، وذلك بعد تشريح أي شخص منتحر والبحث في بيئته الاجتماعية، “كي نفهم الدواعي التي تجعل هؤلاء الأشخاص ينتحرون”، مشددة على ضرورة “الرفع من المستوى الاقتصادي لهؤلاء الناس وتحسين دخلهم بمنطقة شفشاون”.