شفشاون النوارة … بين النعم و النقم

شفشاون النوارة … بين النعم و النقم 


 مدخل: 

تأسست مدينة شفشاون (الشاون أمازيغيا) سنة 1471 م وتقع في أقصى الشمال ، تم تسمية إقليم شفشاون إداريا سنة 1975 ، يبلغ عدد سكانها 524602 نسمة حسب أخر إحصاء ، مساحة الإقليم 4350م2 ،    و للإقليم خصائص يتميز بها :
أ‌-غطاء غابوي كثيف 163900 هكتار ( محميات طبيعية،تنوع بيولوجي،نباتات طبية و عطرية و عسلية).
ب‌-  تساقطات مطرية غزيرة ( أعلى نسبة بالمغرب تسجل بالإقليم ).
ت‌-   زراعة القنب الهندي ( الكيف ).

فهذه الخصائص الثلاث تتفاعل فيما بينها لتنتج وضعين متناقضين ، فمن جهة وضع سلبي بالنسبة لأبناء الإقليم  بحيث أن كل مواطن شفشاوني متهم حتى تثبت براءته و من جهة وضع ايجابي بالنسبة للمسؤولين الذين يتقاطرون  و يتسابقون ( دفع إتاوات ) على الإقليم من عسكريين و مدنيين لخدمة  ( الإقليم )، فهذين الوضعين كان لهما انعكاس    و تأثير كبير على الحالة العامة  بالإقليم  و المتمثلة في :

 

1)  الوضع الاقتصادي و الاجتماعي:

إن هذا الوضع مفتوح على كل الاحتمالات و في أي لحظة نتيجة سياسة التهميش و النهب التي يعيشها الإقليم و لا زال يؤدي ثمنها في طل سياسة المغرب النافع و غير النافع ، فرغم بعض المبادرات الترقيعية التي تظهر للوجود من حين لآخر و التي تتزامن مع كل زيارة ملكية للإقليم تبقى الوضعية كارثية فالبنية التحتية من طرقات و مستوصفات          و غيرها فحدث و لا حرج كما أن المشاريع ( التنموية الكبرى ) فيتم اختيارها بشكل عشوائي بحيث لا يراعى فيها متطلبات الإقليم السوسيو اقتصادية .

و هذا ينعكس حتما على الحياة الاجتماعية  فاغلب الطبقات الاجتماعية  تعيش وضعية لا تحسد عليها مع استثناء لبعض المستفيدين من اقتصاد الريع فلا و جود بالإقليم لشيء اسمه المنافسة لسبب بسيط هو غياب مبدأ المراقبة لدى المسؤولين من سلطة و منتخبين بل ابعد من ذلك تواطؤهم مع لوبي محلي محتكر لكافة المجالات و متحكم في أرزاق العباد (الخضر ، السمك  ، اللحوم ، العقار …) كما أن الصناعة التقليدية المحلية التي كانت المورد الأساسي لشريحة اجتماعية واسعة ( شاشية،كرزية …) تم غزوها بمتوجات غريبة عن طبيعة الإقليم الجبلية الذي يصنف ضمن المناطق السياحية لكن أي سياحة هي !؟  إنها سياحة التحشيشة (التبويقة).

 

2)    الوضع الثقافي و الرياضي:

تاريخيا و قبل أن ينفجر بركان الحشيش بالإقليم كانت المنطقة تعرف حركة ثقافية هادفة و متواصلة (ملتقيات ندوات) مما فتح لأبنائه أبواب التواصل و الوقوف على القضايا المطروحة للنقاش وطنيا و دوليا الشيء الذي تولد عنه ظهور مفكرين، شعراء، حقوقيين، سياسيين… من أبناء الإقليم تركوا و لا زالوا بصماتهم في الساحة المحلية والوطنية كل من موقعه، أما في الوقت الراهن فأكثر ما ينتجه الإقليم هو المبحوث عنهم و انتشار الأمية  و العزوف عن كل ما هو هادف حتى في أوساط  المثقفين وهته الوضعية لم تأتي اعتباطية بل كانت نتيجة لسياسة التهميش و القمع للدولة المغربية في المرحلة المعروفة بسنوات الجمر و الرصاص.

وهذا ينطبق كذلك على الوضع الرياضي بالإقليم الذي عرف تراجعا خطيرا في السنوات الأخيرة من جهة بسبب استغلال وضعيته سواء من طرف لوبي المخدرات أو الانتخابات كل حسب مصالحه ، و من جهة أخرى طمس المرافق الرياضة التي يتوفر عليها الإقليم فرغم قلتها  سيتم السطو عليها لتحويلها إلى مشاريع مربحة من طرف لوبي العقار صاحب الكلمة الأولى و الأخيرة  ( سيكون هناك مقال خاص بفضح هذا اللوبي و ما يتعرض له الملك العام)  مما نتج عنه سقوط فئة عريضة من شباب الإقليم في براثين المخدرات و الفكر الظلامي.


3الوضع السياسي:

إن هذا الوضع بالإقليم لا يختلف في شيء عن باقي ربوع الوطن فالتمثيلية الحزبية من كل الأطياف يمين/وسط/ يسار  لكن مجرد مقرات و لافتات لا غير ، والخطير في الأمر هي أن الأحزاب السياسية التي تتحمل مسؤولية التدبير بالتقليم لا حول و لا قوة لها في اتخاذ القرارات فالآمر الناهي و القابض بزمام الأمور هي السلطة الإقليمية             أما المنتخبون بصفتهم ممثلي الساكنة ما داموا لم يبلغوا سن الرشد بعد فليس عليهم من حرج و لا تجوز شرعا            و لا قانونا محاسبتهم ما داموا تحت الوصاية  وتكون دائما تلك مبرراتهم أثناء مساءلتهم عن الفشل  في تدبير الشأن المحلي بإقليم شفشاون ، فلقد تعودت ساكنة الإقليم على دخول المجالس المنتخبة في غيبوبة و كل مرت كانت تتدخل السلطات الإقليمية و المحلية لإنعاشها لكن يبدو اليوم أن الجميع سلطات و مجالس قد أصيبوا بنفس الحالة و بالتالي ترك المواطنين لمصيرهم مع مشاكلهم.

 

الخاتمة:

ما تم التطرق إليه و بشكل موجز ينم عن نظرة تشاؤمية للواقع لكن مع وجود تفاؤل قوي للإصلاح لدى أبناء إقليم شفشاون الشيء  الذي بدأ يتجلى من خلال نشر ثقافة الاحتجاج و طرح البدائل في شتى المجالات لوضع حد لحرب الاستنزاف المفروضة عل الإقليم من تهميش و نهب و احتكار و شطط في استعمال السلطة  وتجلى ذلك خاصة       في الآونة الأخيرة مع خروج حركة 20 فبراير للشارع المغربي بصفة عامة و  الشارع الشفشاوني بصفة خاصة  .

وهذا هو التحدي الحقيقي المفروض مرحليا على كافة الطبقات الاجتماعية خاصة المجتمع المدني الذي تحمل مسؤولية استرجاع الإقليم لمكانته كقلعة من قلع التحدي وذلك بالنضال و الصادق و الحقيقي للفوز بمقعد أمامي مع هموم و مشاكل السكان و ليس التسابق على المقاعد المشكوك في مصداقيتها .

* إن الحقيقة دائما جارحة لكنها ضرورية كوسيلة للإصلاح، أما الكذب فيستخدم لإنقاذ ماء الوجه لكن ليس لتربية الأجيال * ليون تروتسكي

 


 

شفيشو عبدالاله /شفشاون

 

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً