الشاون بريس
أصبحت مدينة شفشاون، المعروفة بجمالها الطبيعي وطابعها السياحي المميز، تعاني من تفاقم ظاهرة التسول بشكل يثير القلق، حيث بات هذا السلوك المنتشر في أرجاء المدينة ينعكس سلبًا على صورتها الجاذبة للسياح، ويهدد طابعها الهادئ والمتحضر.
ويلاحظ العديد من المتتبعين للشأن المحلي أن أغلب المتسولين الذين ينتشرون في الساحات والشوارع الرئيسية لا ينحدرون من المدينة نفسها، بل ينتمي معظمهم إلى مناطق خارجية، ويتعمد بعضهم ارتداء الزي الجبلي التقليدي لخداع المحسنين وجلب التعاطف، في حين تكشف لهجاتهم عن انتماءات جغرافية مختلفة، مما يثير علامات استفهام حول دوافعهم الحقيقية وصدقية حالاتهم.
وباتت هذه الممارسات تشكّل مصدر إزعاج متزايد لدى الزوار والسكان المحليين على حد سواء، إذ يعتبرها البعض نوعاً من “التحايل المنظم” أكثر من كونها تعبيراً عن الحاجة. كما يرى كثيرون أن استفحال الظاهرة يسيء إلى الطابع الجمالي والثقافي للمدينة، ويشوّش على التجربة السياحية التي لطالما اشتهرت بها شفشاون داخل المغرب وخارجه.
وفي المقابل، يلفت المتتبعون إلى أن فقراء المدينة الحقيقيين غالباً ما يتسمون بالتعفف والكرامة، فلا يلجأون إلى التسول العلني، بل يفضلون الكتمان والستر، لدرجة أن من لا يعرف أحوالهم قد يحسبهم في وضع مادي مريح، رغم معاناتهم اليومية من الحاجة والعوز.
أمام هذا الوضع، تتعالى الدعوات في أوساط المجتمع المدني والفاعلين المحليين إلى ضرورة التدخل العاجل من طرف السلطات والجهات الوصية، عبر وضع إستراتيجية واضحة لمحاصرة الظاهرة، وضمان التوازن بين البعد الإنساني والمصلحة العامة، مع تعزيز دور المؤسسات الاجتماعية وإطلاق مبادرات كفيلة بتوفير الدعم للفئات المحتاجة بطريقة تحفظ الكرامة وتحدّ من استغلال التسول لأغراض ربحية.