كيف تم التخلي عن المدرسة العمومية: م.م/مولاي إدريس الحريري نموذجا
كتب: عثمان الـمييوي
لقد تم التخلي عن المدرسة العمومية، بشكل مقصود أو غير مقصود، وترك القارب يغرق منذ سنوات رغم صرف ما لا يعد ولا يحصى من الميزانيات في جيوب”مستحمرين” للشعب و أبناءه دون أن يظهر أي أثر على واقع المدرسة وعلى نفسية أهلها. بل أن ما يلفي اعتقادي الشخصي إن عدم إصلاح المدرسة المغربية وتمادي الحكومة في تهميش مكوناتها وواقعهم المزري لدليل قاطع على غياب الإرادة السياسية لإصلاح المجتمع .
كل الكتابات والأبحاث التربوية والبرامج الانتخابية في الدول التي تحترم ذاتها وتحترم مواطنيها تركز على إصلاح المنظومة التربوية كإجراء لا غنى عنه لإقامة دولة الحق والقانون و إنتاج مواطن مؤمن بقيمه الوطنية والثقافية والحضارية.
في ظل ضجيج وزارة التربية والتعليم عن “مدرسة م/م إدريس الحريري بدوار تورارين جماعة بني فغلوم، إقليم شفشاون” و”المخطط ألاستعجالي لإصلاح التعليم” الذي جاء كحل ترقيعي بعد الاعتراف الرسمي بفشل الإصلاح ، يعيش أطفال دوار تورارين بجماعة بني فغلوم بإقليم شفشاون حالة من التهميش والخراب وغياب الترميم وإصلاح الأقسام الدراسية ’ حيث الحجرات الدراسية تهدم جانب من جدرانها وتكسرت نوافذها وتصدع سقفها الذي علته الشقوق، فيما طاولاتها تآكلت ونخرها الصدأ وسبورتيها انتهت مدة صلاحيتها وعمتها الثقوب كما انخلعت الأبواب .
إن هذه الوضعية الكارثية التي توجد عليها المدرسة المنكوبة ترجع إلى الإهمال والوعود الكاذبة التي تبخرت ولم ينجز منها شيء لحدود الساعة، إذ أن “المدرسة” التي ليس لها من هذه الصفة إلا الاسم لم يتم إصلاحها وتأهيلها لاستقبال الأطفال الراغبين في التمدرس، وهنا يطرح السؤال : ما هو نصيب ساكنة هذه القرى من عشرات الملايير الموجودة بميزانية الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة تطوان .
أكيد جدا أن بداية الإصلاح يجب أن تكون من داخل فصول المدرسة ومن إعادة الدور الاعتباري والاحترام لرجال ونساء التربية باعتبارهم حراس قيم الوطن والمستثمرين الحقيقيين في أدمغة وقلوب أطفال وشباب الوطن. بناء مغرب الغد ومغرب المستقبل يستدعي، بدون مزايدات حزبية أو سياسية، الاستثمار في الإنسان المغربي عقلا وبدنا والإيمان ،كل الإيمان، أن ضياع طفولة وشباب الوطن يعني ضياع الكل الذي يشكلنا وضياع الأنا الفردية والجماعية.
البداية تكون من المدرسة والنهاية تكون من المدرسة. و بين قدرية وتراجيدية البداية والنهاية، نكون ملزمين بتحديد ما الذي نريده من المدرسة، و ما الذي تريده المدرسة المغربية منا اليوم؟ إنها الحاجة إلى اليقظة واستحضار روح المواطنة لانقاد وطننا من أزمات نحن في غنى عنها. و ليحفظ الله من يصلي من اجل الوطن .