لماذا حظي الجنرال “بيرينغر ” بلقب “دوق” الشاون ” ؟

 

 

 

لماذا حظي الجنرال “بيرينغر ” بلقب “دوق” الشاون ” ؟

 

 

ربما العديد من ساكنة مدينة السيدة الحرة لا يعرفون أن مدينتهم الساحرة كانت يوما ما تحمل لقب “كوندادو”، وهو لقب نبيل  كان يمنحه ملوك أروبا إلى  بعض زعماء المدن العريقة وكذا المناطق الأوروبية ذات التاريخ التليد، مثل دوقية “البا” و”يورك” و”بروسيا” و”لانكاستير” و”لينشستاين”  وغيرها.

 

 

إذن كيف تمكنت مدينة تقع تاريخيا في دار الاسلام وتتواجد جغرافيا خارج منظومة العالم المسيحي الأوروبي المتعارف عليه أنذاك، أن تحمل لقب “دوقية” حيث كان يطلق عليها اسم  CONDADO DE XAUEN EL؟



الوقائع التاريخية تؤكد على أن ملك اسبانيا “ألفونسو” منح أقوى جنرالات مملكته أنذاك  الجنرال “داماصو بيرنغر” يوم 4 ماي 1929 لقب” دوق” “الشاون”،علما أن هذا الشخص  كان في نفس الوقت يشغل مناصب رفيعة جد في هرم الدولة الاسبانية، حيث كان يمارس مهام رئيس الوزراء ، ووزير الدفاع  علاوة على منصب المندوب السامي للاسبانيا بالمغرب.

 


السؤال المحير هو لماذا تم منح هذا المنصب النبيل الى هذا الجنرال القوي وتحديدا  على رأس مدينة “الشاون” رمز المقاومة الجبلية الشرسة، رغم وجود العديد من الحواضر والمدن الأخرى بشمال المغرب مثل تطوان  والعرائش وغيرها ؟

 


 باستقرائنا للأحداث التاريخية التي شهدها شمال المغرب في تلك المرحلة قبل وبعد الحماية نجد أن مدينة  “الشاون” كانت جد عصية على الاستعمار الاسباني  حتى أنه اضطر للاستخدام الطائرات والقنابل لضرب المقاومة الجبلية، والتي سجلت ملاحم وبطولات خارقة، انطلاقا من زاوية “تازروت” ممتدة  الى كل مناطق ومداشر  سسلة جبال الريف الغربي.


عكس ذلك تماما نجد أن أعيان مدينة” تطوان” ووجهائها استقبلوا كتائب الجيش الاسباني  بالتمر والحليب ،وهي جحافل  انطلقت من مدينة سبتة لبسط حمايتها على عموم تراب شمال المغرب ، تنفيذا لبنود ميثاق “الجزيرة الخضراء” الذي وقعت عليه القوى الاستعمارية سنة 1906.

 

 

 

واستنادا كذلك  إلى المراجع التاريخية فإن سهولة وصول الجيش الاسباني الى مدينة تطوان دون مقاومة تذكر، راجع إلى كون السلطة المركزية المخزنية أنذاك بعثت إشارات إلى وجهاء المنطقة وقبائلها ، بالتخلي للمسيحين عن الأراضي المجاورة لسبتة، حتى لا تحدث أي مناوشات مع الاسبان مستقبلا،وذلك  تنفيذا لمعاهدة “وادراس” التي أعقبت هزيمة الجيش المغربي في حرب تطوان لسنة 1860.

 

 

وفي هذا الصدد يقول مؤرخ شفشاون مولاي “علي الريسوني” أنه اذا كان الاستعمار الاسباني دخل الى مدينة تطوان دون أن تطلق رصاصة واحدة الا أن التوغل في منطقة جبالة نحو مدينة شفشاون تطلب منه ما يقارب 8 سنوات ،بسبب المناعة الطبيعية للمنطقة والتي أنتجت عبر عصور متعددة مقاتلين أشداء يتحملون شظف العيش ويتوفرون على نفس استراتيجي لمقارعة الغزاة منذ عصر الرومان.


 

وفي نفس السياق التاريخي فان احتلال  أو دخول تطوان في 19 فبراير 1913 هو ما  دفع قائد ثورة جبالة مولاي “أحمد  الريسوني”  الى اعلان التمرد وتصعيد المواجهة في البوادي والقرى ومواجهة كل جنرالات اسبانيا بشراسة غير معهودة ، وصلت حد اطلاق النار على أسوار تطوان ليلا  وقطع الطرقات حيث تمكنت قواته من عزل تطوان عن سبتة وعن مدينة العرائش.

 

 

إذن ربما التضحيات الجسيمة التي قدمها الجيش الاسباني في الوصول الى قلعة السيدة الحرة بعد فقده ألاف من جنود المشاة مما اضطره الى استعمال سلاح الطيران للأول مرة في تاريخ البشرية لقصف قبائل بني حسان وبن قريش وغيرها ،هو  ما يفسر سر احتفاء ملك اسبانيا شخصيا بالجنرال القوي انذاك في المحيط الملكي  الجنرال “داماصو بيرنغر” ومنحه لقب دوق “الشاون “EL CONDE DE XAUEN، نظير الخدمات الجليلة التي قدمها للمملكة الاسبانية وعلى رأسها ،تمكن جيشه من دخول مدينة السيدة الحرة سنة1920 .

 

 

 

 

الشاون بريس

 

 

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً