مزارعو نبتة “القنب الهندي” يعددون مكاسب تجربة التقنين في شمال المغرب

A worker inspects medicinal cannabis plants at a medical cannabis farm near Skopje on February 16, 2021. - The Balkan state is once again eyeing a chance to become a cannabis pioneer in Europe, with the government promising a public debate on legalising marijuana and turning the country into the Amsterdam of the Balkans. (Photo by Robert ATANASOVSKI / AFP)

الشاون بريس /أ.ف.ب

بعد العيش لعقود في أجواء من “الخوف والسرية”، أصبح الفلاح المغربي عبد السلام إيشو يمارس زراعة القنب الهندي “في وضح النهار” للعام الثاني على التوالي، مستفيدا من التشريع التدريجي لهذه الزراعة لأغراض طبية وصناعية.

فعلى الرغم من منعها منذ 1954، فإن هذه النبتة ظلت تزرع بشكل غير قانوني في جبال الريف بشمال المملكة، ليستخرج منها مخدر الحشيش؛ لكن فلاحي تلك القرى باتوا قادرين على ممارسة هذه الزراعة بشكل قانوني في ثلاثة من أقاليم شمال المغرب، بعدما أقرت المملكة، في العام 2021، قانونا ينظم الاستخدامات الطبية والصناعية للقنب الهندي.

قال عبد السلام، البالغ 48 عاما، في تصريح لوكالة فرانس برس: “لم أكن أتخيل يوما أننا سنزرع ‘الكيف’ (القنب الهندي) من دون خوف ولا قلق من الاعتقال، أو التعرض للسرقة أو عدم التمكن من بيع المحصول”، وهو يعيش في قرية المنصورة بإقليم شفشاون.

يهدف هذا الاتجاه إلى مكافحة الاتجار بالمخدرات وحجز موقع في السوق الدولية للاستعمالات الصناعية للقنب الهندي، فضلا عن تنمية منطقة الريف حيث تعيش 80 إلى 120 ألف أسرة على عائدات زراعته غير القانونية حسب التقديرات الرسمية.

العام الماضي بلغ مجمل المحصول القانوني 296 طنا، وفق الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي. ويختلف عن المحاصيل التي تحول إلى حشيش، باحتوائه نسبة جد منخفضة من المادة المخدرة (تي. إش. سي).

قبل إقرار القانون، كان نشاط هؤلاء الفلاحين أشبه “بالعيش في غابة وفوضى. أما اليوم فصرنا نعمل بحرية وكرامة”، كما قال عبد السلام مستعرضا بفخر حقل القنب الهندي الأخضر، وقد استطاع العام الماضي جني “محصول قياسي من حوالي ثمانية أطنان في حقل مساحته هكتار واحد”، وفق توضيحاته.

وقد باع الفلاح نفسه هذا المحصول في مقابل 80 درهما للكيلوغرام الواحد إلى شركة مغربية تستعمله في إنتاج مكملات غذائية.

الطريق الصحيح

عند دخول القانون حيز التنفيذ العام 2023 كان عبد السلام إيشو الفلاح الوحيد في قريته الذي انخرط في المشروع؛ بينما صار عددهم الآن نحو 70 فلاحا، حسب ما يؤكد.

ينطبق هذا الأمر إجمالا على قرى في الأقاليم الثلاثة المرخص فيها بزراعة القنب الهندي، وهي الحسيمة وشفشاون وتاونات، حيث ارتفع عدد الفلاحين المنخرطين في الزراعة القانونية من 430 إلى 3000، وفق الوكالة المختصة.

من بين هؤلاء التحق الفلاح سعيد الكدار، البالغ 47 عاما، بتعاونية تضم نحو عشرة فلاحين، رغم “كثير من المخاوف والتساؤلات في البداية”؛ لكنها، وفق قوله، “تبددت شيئا فشيئا؛ لأن التقنين، في نهاية المطاف، هو الطريق الصحيح الذي يجب اتباعه”.

كذلك، ارتفعت المساحة المزروعة قانونا عشر مرات، لتنتقل من 286 هكتارا في العام 2023 إلى 2700 هكتار هذا العام؛ لكنها تبقى بعيدة كثيرا عن مساحة 55 ألف هكتار كانت تغطيها الزراعة غير القانونية للقنب الهندي العام 2019 وفق التقديرات.

وأضاف سعيد: “لدي الكثير من الأمل”، مؤكدا أن حياته الجديدة “لا يمكن إلا أن تكون أفضل من العيش في حالة من عدم الاستقرار والسرية”.

وكان يحضر بذور قنب هندي مستوردة من الخارج لتنمو تحت غطاء بلاستيكي، في انتظار حصادها في شهر أكتوبر من كل سنة.

وقال عبد السلام إيشو إنه سيتم حصاد محاصيل من بذرة القنب الهندي المحلية، المعروفة باسم “البلدية”، للمرة الأولى بشكل قانوني في شهر غشت المقبل، في حين حيث اقتصرت محاصيل العام الماضي على البذور المستوردة.

وأوضح قائلا: “القنب الهندي موجود في كل مكان؛ لكن البذرة ‘البلدية’ ميزة بالنسبة لنا علينا تثمينها إلى أقصى حد”. ولتحقيق ذلك، استطاع إقناع 58 فلاحا بتشكيل تعاونية متخصصة في زراعة القنب الهندي محلي الأصل.

قطاع جذاب

بموازاة ذلك، أصدرت الوكالة المختصة أكثر من 200 ترخيص لشركات تعمل في تصنيع منتجات القنب الهندي، أو في تصديرها أو استيراد بذور النبتة.

في باب برد غير بعيد عن مدينة شفشاون، استغل عزيز مخلوف هذه الفرص ليفتتح مصنعا، يوظف 24 عاملا، ينتج مواد مختلفة من القنب الهندي، تشمل الزيوت ومستحضرات التجميل ودقيقا ومكملات غذائية، ويعرب مخلوف عن تفاؤله قائلا: “يمكن استخلاص أشياء عديدة من القنب الهندي، إنه قطاع جذاب”؛ لكن السلطات تدرك أن تنظيم هذا المجال يتيح “بناء اقتصاد موثوق قادر على الصمود، بشكل تدريجي”، كما أوضح محمد الكروج، مدير الوكالة المختصة بالتقنين، لوكالة فرانس برس. وشدد على أن “الهدف الأول هو تحسين مستوى عيش المزارعين”.

حسب دراسات رسمية، يمكنهم أن يحققوا ما يعادل 12 في المائة من إيرادات القطاع المنظم، في مقابل “4 في المائة فقط من السوق غير القانونية”، التي يسيطر عليها المهربون.

وختم الكروج مؤكدا أن الأهم هو تمكين المزارعين “من الخروج من الظل إلى النور”.

جدير بالذكر أن منظمة الأمم المتحدة اعترفت، في عام 2020، بالفائدة الطبية للقنب الذي كان مدرجا سابقا ضمن المواد الأفيونية القاتلة والمسببة للإدمان، بما في ذلك الهيروين، والتي لها أغراض علاجية ضئيلة أو معدومة.

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً