هل علاقة المغاربة بالكِتاب “مُزيفة”؟

هل علاقة المغاربة بالكِتاب “مُزيفة”؟

 


مازال الاعلام يتحدث عن آلاف الكتب التي تباع في السنة، وما زالت الاحصائيات تُكذب ذلك بأرقام مخجلة حول ضعف المقروئية بالمغرب، لتخرج المؤسسات والجمعيات ومختلف الهيئات بحلول واقتراحات من شأنها خلق علاقة ود بين المغربي والكِتاب.

 

في المعرض الدولي للنشر والكِتاب بالدار البيضاء هذه السنة، وككل سنة، حج الآلاف من مختلف مناطق المغرب ليطّلعوا على إصدارات الكُتاب والمؤلفين وليجددوا حبهم للكِتاب علَّهم يدحضون ما جاءت به التقارير …

 

لتطرح سؤالا جديا، وأنت ترى الكم الهائل لزوار المعرض السنوي، كيف تُقاس نسبة ضعف المقروئية أمام هذا الحب الكبير تجاه الكتب؟ والذي يظهر جليا في أروقة العرض.

 

علاقة المجتمع المغربي بالكِتاب أشبه بشخص يُأنبه ضميره جراء اهماله لحبيب وفي ومخلص، إذ يحاول في كل مرة، ومتى سنحت له الفرصة، التعبير عن صدق مشاعره مؤكدا أن اهماله يبدر عن غير قصد وأنها ظروف الحياة تجرفه وتحول دون أن يسأل عنه … ولهذا، وفي كل مناسبة احتفاء بالكِتاب تجد المغاربة يتهافتون علًّهم يثبتون عكس ما يروج أو علّهم يُقنعون أنفسهم ،أولا، أن علاقة الحب هذه لا تزال قائمة، وأنها لحظات فتور تخللت الود في لحظة من اللحظات … وهذا لا يعني أن الود انتهى…

 

مهما أقنعنا أنفسنا أن المشاعر التي يُسَوِّق لها المغربي للكِتاب “مزيفة”، إلا أنه لا يجب علينا إغفال الجانب المشرق لهذه العلاقة، صدقا، فمحاولات المغاربة لإصلاح الماضي المثقل بالإهمال، تستحق التشجيع كما تستوجب منا الوقوف لها، لأنه من علامات الحب أيضا: بذل جهد لإصلاح الهفوات، وإلا فلا حب من أساس.

 

لهذا فالمبادرات، وأخص بالذكر الشابة، كثيرة جدا وتُعد بالمئات، تمضي كلها قدما نحو التغيير وكذا توطيد الأواصر مع الكِتاب … بدء من نوادي القراءة التي انتشرت في السنوات الأخيرة بين ربوع المملكة، مرورا بالتحديات والمسابقات التي يتنافس فيها المغاربة وينتزعون الألقاب بجدارة، وصولا إلى الخطوات الصغيرة ذات الثقل الكبير لزرع حب القراءة في النفوس ولا يمكنني هنا أن أمُر مرور الكرام دون أن أنوه بما أقدم عليه بعض شباب الدار البيضاء (على هامش المعرض الدولي للكتاب) إذ قاموا بتوزيع الكتب في رفوف توجد بمحطات “الترامواي” لفائدة ركابه، بحيث أصبح بإمكان الشخص الذي ينتظر وصول الترامواي أن يقرأ ما تيسر من الصفحات أثناء انتظاره والجميل هو أن بإمكانه أن يأخذ معه الكتاب إلى البيت لإتمام قراءته قبل أن يعيده إلى مكانه بعد أن يفرغ منه .. كما يتسنى لكل شخص أن يُطعم هذه المكتبات المفتوحة في وجه العموم بكتب من اختيارهم … خطوة رائعة من شباب يعي قيمة القراءة وحجم المسؤولية التي يحملها على عاتقه، لا تقل جمالية عن المكتبات الشاطئية التي أمتعنا خلقها في فصل الصيف، ولا عن غيرها من المبادرات المُلهمة… لأعود وأقول أن الجيل الجديد، جيل مسؤول، يدرك مكامن الخلل ويعمل جاهدا من أجل التغيير، ولو أن العوائق السوسيو-اقتصادية تشكل حاجزا كبيرا أمام طموحاته إلا أنه يتطلع دوما لمغرب متوهج.. مثقف.. مزدهر.. قوي، نعم قوي فأقوى سلاح يملكه الوطن هو شبابه، وأقوى سلاح يملكه الشباب هو العلم.

 

مريم كرودي/الشاون بريس

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً