السيدة الحرة جمعت بين ثقافتين العيش بعراقة الأندلس وقساوة جبال شفشاون

نساء حكمن المغرب ونقشن أسمائهم بحروف من الذهب:

كثيرة هي الشخصيات النسائية التي ساهمت في صنع تاريخ البلدان في العالم ولا زالت، إلا أن كُتب التاريخ لم تذكر إلا قليلاً منهن فيما غفلت أخريات.

الشيء ذاته ينطبق على أرض المغرب، التي عرفت مرور أسماء نسائية استطاعت ترك بصمتها ونقشت اسمها بأحرف من ذهب في مختلف المحطات التاريخية التي مرّ منها المغرب.

وبالنظر إلى شح المصادر التاريخية حولها، اختلف المؤرخون بشأن اسمها، فبعضهم يقولون إن اسمها عائشة، ويذكر آخرون أنها لقبت بالحرة تمييزا لها عن الإماء، في حين يقول فريق آخر إن اسمها الحقيقي هو “الحرة” وليس لقبا ولا صفة لها، بل هو اسمها الشخصي.

اسم الحرة أو لقب

ويؤكد الباحث في التاريخ جمال الدين الريسوني أن الحرة هو اسمها الثابت والمحقق، وهو اسم شخصي وليس لقبا، والشاهد عند الريسوني هو عقد زواجها بالسلطان الوطاسي.

ويضيف أن علي بن راشد كان يتردد على بلاط أبي عبد الله محمد بن الأحمر آخر ملوك الأندلس، للتمرس على الجهاد وأمور السياسة، حيث تزوج بالأندلس من كاترينا فيرنانديز التي أسلمت وسميت بـ”الزهرة” وأنجبت منه الحرة، ولفت إلى أن أم السلطان أبي عبد الله محمد بن الأحمر اشتهرت باسم الحرة حسب الكتابات التاريخية، وابن راشد سمى ابنته تيمنا بها.

وفي كتابه “من تاريخ شفشاون”، خصص طه بن فاروق الريسوني فصلا عنونه بـ”السيدة الحرة اسم أصيل وغيره من هوى التأويل”، يقول فيه “الحجة العلمية الحاسمة لتسكين هذا الجدال التاريخي ومخافتة أصحاب الهوى، هو الاحتكام إلى رسم (وثيقة) زواج ابنة مؤسس شفشاون دفينة الزاوية الريسونية سيدي بلحسن بالسلطان أحمد الوطاسي، وحسب الوثيقة.. خطب ابنته الأصيلة البرة المسماة بالحرة أجمل الله صونها وأحسن على طاعته عونها..”.

ذكاء وتميز

تلقت السيدة الحرة تعليمها على يد أشهر العلماء ورجال الدين بشفشاون. يقول صاحب كتاب “أسرة بني راشد بشمال المغرب”، بحسب مقال في مجلة دعوة الحق “تروي لنا الأخبار -سواء البرتغالية أو الإسبانية- أن هذه السيدة النبيلة كانت تتوفر على ذكاء نادر، وأخلاق سامية هيأتها لتأخذ بيدها السلطة، وذلك بسبب التعليم الذي تلقته من أشهر العلماء ورجال الدين في عصرها..”.

ففي فترة تاريخية لها طابع خاص في علاقتها بالنساء وما كان يعرف بالحريم وسلطته من داخل القصور، تميزت الحرة خارج القصور وسادت وحكمت وأدارت الاقتصاد والسياسة وقادت إمارة البحار.

يوضح جمال الدين الريسوني أن الحرة كانت تتميز بالجمع بين ثقافتين، ثقافة أندلسية حضارية عريقة، وخصائص المنطقة الجبلية بين شفشاون وتطوان التي تمتاز بالقساوة وصلابة الجبال مما أكسبها قوة الجهاد، أما رقيها وحليها ولباسها وشكل الأكل والمنزل الذي كانت تعيش فيه، فكان بنمط أندلسي.

الشاون بريس

 

مشاركة المقالة على :
اترك تعليقاً