إن إهمال الشواطئ جريمة تمس أمن المجتمع وتمثل تدميرا للبيئة الساحلية كما أنها تضر بالاقتصاد المحلي والموارد الساحلية والبحرية وتحرم الأجيال المقبلة من الاستمتاع بها
ومما تحويه البيئات الساحلية من تنوع أحيائي وثروات إيكولوجية ولهذا تقع على عاتق المجالس الجماعية والسلطات المحلية والهيئات المعنية بحماية البيئة الساحلية مهمة رصد جميع الأنشطة الضارة بسلامة الشواطئ والسواحل لتفادي الآثار البيئية السلبية الناجمة عن هذا الإهمال، ويعتبر الحفاظ على النظافة وتخليص الشواطئ من الأزبال من المسؤوليات الملقاة على عاتق الجماعات والذي هو التزام مقابل الحق لهذه الأخيرة في استخلاص ضريبة النظافة وأي تقصير في تسيير مرفق النظافة تترتب عليه مسؤولية الجماعة، إذا ألحق ذلك ضررا بالغير وذلك طبقا لمقتضيات المادة 79 من قانون الالتزامات والعقود المغربي التي تنص على أن الدولة و البلديات مسؤولة عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها.
إن الشريط الساحلي في إقليم شفشاون الذي يمكن أن يشكل ثروة سياحية وثقافية وترفيهية واقتصادية يبدو اليوم في غربة عن واقع الشواطئ التي في المدن السياحية المجاورة مثل تطوان، طنجة، الحسيمة فهو في شفشاون خيار ثانٍ أو ثالث أو غير مطروح أصلا فلا يدخل ضمن أي استراتيجية لاجتذاب المصطفين والسيّاح، شواطئ متروكة مهملة لا تشرف عليها المجالس الجماعية بشكل منظم وكثيرها متروك بلا مراقبة مرتعاً للمجارير والنفايات أو مستثمراً من قبل أفراد بغير وجه حق، فقد يؤثر الشاطئ الملوث أو الساحل الملوث بشكل كبير على اقتصاد الجماعة بشكل سلبي.
فالسياحة الساحلية مهمة للعديد من البلدان لأن الأنشطة السياحية تساهم في جانب كبير من اقتصادها، وتمثل النفايات التي تلوث الشواطئ بإقليم شفشاون أحد مظاهر التعدي على البيئة ويَعُّد تناثر القمامة على طول خط هذا الشريط الساحلي أحد الدلائل المميزة للإهمال وللفساد البيئي الذي يمكن ملاحظته في العديد من المواقع.
مثل هذا الوضع يساهم في جعل العديد من تلك الشواطئ غير مناسبة لاستخدامها في أغراض الترويح الاقتصادي للمنطقة، صحيح أن أصابع الاتهام التي توجه بإهمال الشواطئ يجب أن لا تتوقف عند مسؤولية المجالس الجماعية، بل تقع على جميع أفراد المجتمع(المجتمع المدني) للمساهمة في وقف التعدي على الشواطئ والحد منها عبر المشاركة في برامج توعية رواد الشواطئ بإجراءات المحافظة على سلامة البيئة الساحلية، ولما لا فتح ورش تشاركي مع المجلس الجماعي المعني في حمالات تنظيف الشاطئ لتعزيز حس المسؤولية البيئية لدى المواطن خاصة في صفوف المصطافين الوافدين على شاطئ “قاع أسراس” وتحسيسيهم بضرورة الحفاظ على نظافة الشاطئ.
ما إن يضع المصطافين أقدامهم على شاطئ “قاع أسراس” خاصة القادمين إليه من مدن داخلية حتى يأخذون انطباعا أوليا سلبيا حول وضعية المنطقة ككل وهو انطباع لا يشرف بالنظر إلى ما يعرفه المركز من أوضاع تثير استياء الزوار والمقيمين على حد سواء، فحالة من الفوضى والعشوائية تلك التي تتخبط فيها المركز بدءا من الأثمان المرتفعة لكراء الشقق التي تبتدئ من 400 درهم لليلة الواحدة ، والنقطة السوداء تتمثل بالأساس في العشوائية التي تطبع أسعار المطاعم والمقاهي التي عمدت إلى رفع الأسعار بوتيرة غير مسبوقة في غياب الجودة والمراقبة، كل هذا يتم في غياب الجماعة الترابية المعنية و السلطة المحلية المسؤولين عن الاستعدادات التي تواكب موسم الاصطياف بالشاطئ من أجل مرور عطلة الصيف في المستوى المطلوب حتى لا يتعرض المصطافون للابتزاز والاستغلال من طرف بعد صائدي الفرص والتعجيل برحيل و نفور مجموعة من الأسر نحو وجهات أخرى .
ختاماً، وبصفتي عاشق لهذا الشريط الساحلي و خاصة شاطئ “قاع أسراس” منذ طفولتي لذا أتمنى تأهيله مثل شاطئ “وادلاو” على الأقل لأن هذا من شأنه أن ينشط السياحة خاصة مع توفير كافة الخدمات اللازمة للحفاظ على راحة وسلامة رواده، فالعديد من المواطنين يطالبون بزيادة الاهتمام بشواطئ إقليمهم وتنظيمها وتوفير كافة المرافق والخدمات اللازمة مشيرين إلى أن تلك الشواطئ تُعتبر من الروافد السياحية المهمة وينبغي الاهتمام بها خاصة وأنها تعاني بشكل كبير من الإهمال، ألا يستحق ساكنة إقليم شفشاون شواطئ تليق بهم ؟
عبد الإله شفيشو