الشاون بريس
نظمت جمعية السيدة الحرة بشفشاون، مساء الخميس في إطار افتتاح الموسم الثقافي الجديد، لقاء أدبيا احتفاء بالشاعر عبد الحق بن رحمون من خلال تقديم ديوانه “أوتار البصيرة”، الصادر مؤخرا عن منشورات مكتبة السلام الجديدة، والذي يتناول فيه تيمة الأم كموضوع مركزي.
وأتاح هذا اللقاء، الذي عرف حضور فعاليات ثقافية وفنية وباحثين ومهتمين بالابداع الأدبي، فرصة للغوص في التيمات الرئيسية للعمل الشعري، مع تحليل معمق من خلال جوانب مختلفة من تجربة الشاعر الإبداعية، خاصة في ما يتعلق بتناوله لقضية الأم بأسلوب شعري مؤثر.
وعرفت هذه الفعاليات الثقافية، المنظمة بشراكة وتعاون مع الجماعة الحضرية لشفشاون، مشاركة ثلة من النقاد الذين تناولوا بالتحليل والنقد المنجز الشعري لعبد الحق بنرحون، حيث أطر الندوة كل من الناقد نجيب العوفي، والشاعر والناقد الزبير خياط وخالد الغزواني.
في هذا الصدد، أبرزت رجاء حياني، في كلمة باسم جمعية السيدة الحرة، أن تنظيم هذه الفعالية الثقافية يندرج في إطار مشروع هادف، يعتبر أن الثقافة اليوم “تعد رافعة أساسية لترسيخ ثقافة المساواة وحقوق الإنسان وبناء الشخصية المواطناتية المتوازنة والفاعلة في المجتمع”، مضيفة أن “إننا في جمعية السيدة الحرة معنيات بالتدخل والعمل في مجالات متعددة المساهمة في التغيير وفي تحقيق التنمية المنشودة، إلى جانب اهتمامنا بالشأن الثقافي بالمدينة والنهوض برموزها الثقافية والأدبية”.
من جانبه، أكد نجيب العوفي، في دراسة نقدية للديوان، أن الشاعر بن رحمون يعد “من الشعراء القلائل الذين ضربوا موعدا شعريا موصولا بميقات القلب والوفاء مع الأم منذ فجع برحيلها.. ولعل تيمة الحلولية في ثنايا النصوص عبر الثنائية الحوارية، الشاعر والأم، آية على الحضور الصوفي في العمل”.
وتابع أن نصوص ديوان “أوتار البصيرة” تضعنا في حضرة شعرية صوفية تغدو فيها الأم موضوعا لمديح عال، حيث اللغة الشعرية هي الرهان الذي اعتمده الشاعر بن رحمون في هذا العمل وفي صنوه السابق (صاحبة السعادة) لنفض مكنونه الوجداني واحتواء تجربة الفقد.. وأيضا بفتح نوافذ شعرية موازية بانفتاحه على ذاكرة وجنان الأندلس.
من جهته، سلط الناقد الزبير خياط الضوء على تجربة بن رحمون “الذي حلق ضمن سرب شعراء الحداثة المغربية في تسعينيات القرن الماضي، وحمل رؤيتهم الجديدة للشعر، ومنها صاغ عالمه وفق تصور جيله الفني والفكري، سينعطف فجأة نحو جادة جانبية رسمها القدر بقساوته، واستثمرها الشاعر بصدقه وحدسه الشعري.
كما أبرز أن أوتار البصيرة أو ديوان الأم “جاء في إضاءة وشيجة وحبل س ر ي إبداعي شعري بمناجاة صوفية بين مريد هو الشاعر وقطب هو والدته”، معتبرا أنهما في “علاقة تحكمهما طلب واستجابة بصيغ السؤال والنداء والأمر والنهي، إذ أن الشاعر يستجدي بصيرته وأمانه وستره من أمه وهي تعزف له على أوتار نورانية تقوده نحو نقائه وأصالته.”
بدوره توقف الباحث خالد الغزواني، عند ديوان “أوتار البصيرة” معتبرا أنه ينضاف إلى تجربة بن رحمون المتفردة التي امتدت لما يزيد عن ثلاثة عقود، مسجلا أن نصوص عمله الشعري الجديد، “تتميز بالاشتغال على تيمة الأم باعتبارها رمز ا يتجاوز الحضور الشخصي ليصبح جزءا من القيم الإنسانية العميقة، تكشف عن رؤى، شعرية ساهمت في إثراء مدونة الشعر المغربي المعاصر.
من جانبه، أشار الشاعر بن رحمون أن تجربته عرفت منذ 2019 منعطفا هاما بفعل صدمات الحياة، إذ فجع في والديه تواليا فانعكس ذلك على توجهه الشعري، الذي انتقل من الواقعي والرمزي إلى الصوفي في بحث الذات عن نقائها وصفائها من خلال محاورة ومناجاة الوالدين في برزخهما، مسجلا أن “والديه ربياه على كل ما هو روحي وأصيل ضمن أسرة متماسكة بهويتها الثقافية والدينية.”
يذكر أن هذا اللقاء الأدبي الذي عرف مشاركة نقاد وباحثين مرموقين وعدد من الفعاليات الثقافية، تميز بفقرة قراءات شعرية، وعرض قصائد معلقة للشاعر وتوقيع بعض إصدارته في لقاء مباشر مع قرائه ومتتبعي أعماله الشعرية .